Kur'an Tefsiri
تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)
Soruşturmacı
مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان
Yayıncı
دار ومكتبة الهلال
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٠ هـ
Yayın Yeri
بيروت
حَصْحَصَ الْحَقُّ. أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ، وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ. وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي
ومن جعله من قوله فإنه يحتاج إلى إضمار قول لا دليل عليه في اللفظ بوجه ما.
والقول في مثل هذا لا يحذف، لئلا يوقع في اللبس. فإن غايته: أن يحتمل الأمرين. فالكلام الأول أولى به قطعا.
والثاني: أن يوسف ﵇ لم يكن حاضرا وقت مقالتها هذه، بل كان في السجن لما تكلمت بقولها الآن «حصحص الحق» والسياق صحيح صريح في ذلك. فإنه لما أرسل إليه الملك يدعوه قال للرسول ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ، فَسْئَلْهُ: ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ. فأرسل إليهن الملك وأحضرهن، وسألهن، وفيهن امرأته. فشهدن ببراءته ونزاهته في غيبته، ولم يمكنهن إلا قول الحق، فقال النسوة حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ وقالت امرأة العزيز أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ.
فإن قيل: لكن قوله ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ الأحسن أن يكون من كلام يوسف ﵇، أي إنما كان تأخيري عن الحضور مع رسوله ليعلم الملك أني لم أخنه في امرأته في حال غيبته، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. ثم إنه ﷺ قال: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ وهذا من تمام معرفته ﷺ بربه ونفسه. فإنه لما أظهر نزاهته وبراءته مما قذف به أخبر عن حال نفسه، وأنه لا يذكيها ولا يبرئها، فإنها أمارة السوء، لكن رحمة ربه وفضله هو الذي عصمه. فرد الأمر إلى الله بعد أن أظهر براءته.
قيل: هذا وإن كان قد قاله طائفة. الصواب أنه من تمام كلامها، ولكن فإن الضمائر كلها في نسق واحد يدل عليه. وهو قول النسوة ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ وقول امرأة العزيز أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ هذه خمسة ضمائر بين بارز ومستتر. ثم اتصل بها قوله:
1 / 330