[book 1]
[chapter 1]
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر
كتاب أرسطوطاليس فى النبات تفسير نيقولاوس ترجمة إسحق بن حنين، باصلاح ثابت بن قرة وهو مقالتان
المقالة الأولى من كتاب النبات لأرسطوطاليس
قال الفيلسوف أرسطوطاليس:
Sayfa 243
إن الحياة موجودة فى الحيوان والنبات؛ غير أن حياة الحيوان بينة ظاهرة، وحياة النبات خفية غامضة يحتاج فيها إلى بحث واستقصاء حتى يوصل إلى سبيل الحق فيها. ليت شعرى! للنبات نفس، وقواها كالقوة المشهية والقوة المميزة للغم واللذة، أو ليس له شىء من ذلك؟ أما أنكساغورس وهمفدوقلس فزعما أن للنبات شهوة وحسا وغما ولذة. وزعم أنكساغورس أنه حيوان، وأنه يفرح ويحزن، وزعم أن دليله على ذلك انتثار ورقه فى حينه. وأما همفدوقلس فزعم أن ذكوره وإناثه مختلطة. وأما أفلاطون فقال إن للنبات قوة الشهوة فقط، وذلك لاضطراره إلى الغذاء؛ وإن صح للنبات قوة الشهوة وجبت له اللذة والحزن والحس. فليت شعرى: نوم ويقظة للنبات، وذكور وإناث، أو شىء يجنمع من الذكر والأنثى على ما زعم همفدوقلس؟ أم ليس له نفس؟ — فان كثرة الاختلاف الواقع فى نفس النبات مما يخرجنا إلى البحث الطويل عن جميع حالاته، وأصلح الأشياء قطعه ونفى الشك عنا فيه لئلا نحتاج فى سائر الأشياء إلى بحث طويل. ومن الناس من قال إن للنبات نفسا، لما رأى من توالده، واغتذائه ونمائه، وشبابه وهرمه، إذ لم يجد فى شىء من [هذه] الأشياء التى لا نفس لها ما يشارك النبات فى هذه الأشياء. وإن وجبت هذه الأشياء للنبات، وجبت له الشهوة أيضا.
Sayfa 244
والواجب علينا أن نتكلم فى الأشياء الظاهرة، ثم نتكلم فى الأشياء الخفية فنقول: إن الشىء المغتذى له شهوة، وهو يجد اللذة عند الشبع والأذى عند الجوع، وهذه الحالات إنما تكون مع الحس. فقد صح أن رأى الذى زعم أن للنبات حسا وشهوة رأى عجيب. فأما أنكساغورس وهمفدوقلس وديمقراطيس فزعموا أن للنبات عقلا وفهما. إلا أنه ينبغى لنا أن نمسك عن هذه الأقاويل القبيحة ونبدأ بالقول الصحيح: ليس للنبات حس ولا شهوة، لأن الشهوة إنما تكون بالحس، ومنتهى إرادتها راجع إليه. ولسنا نجد للنبات حسا ولا عضوا حاسا، ولا متألما، ولا صورة محدودة، ولا إدراك شىء من الأشياء، ولا حركة ولا نهوض إلى المحسوس، ولا دليل يوجب له الحس كالدلائل التى أوجبت له الاغتذاء والنماء. وإنما يصح له بحق الاغتذاء والنماء، 〈والاغتذاء والنماء〉 جزء من أجزاء النفس. فان وجدنا للنبات دليلا أوجب له جزءا من أجزاء النفس وبطل عنه الحس فما ينبغى لنا أن نقول إن له حسا لأن الحس هو سبب صفاء الجبلة، وأما الغذاء فهو نمو حياة الحى وعيشته، لأن الغذاء رئيس العيش، فأما الحس فهو رئيس صفاء الحياة.
Sayfa 245
وما وقعت هذه الاختلافات إلا فى مواضعها؛ لأن معرفة الشىء المتوسط بين الحياة وعدمها صعب جدا. ولعل قائلا يقول: إن كان النبات ذا حياة فهو حيوان. وقد يصعب علينا أن نوجد للنبات رئيسا سوى رئيس حياة الحيوان. فأما الذى يدفع أن يكون حيا 〈لأنه〉 لا حس له، فقد نجد فى الحيوان 〈ما〉 لا معرفة له ولا عقل. على أن الطبيعة مهلكة لحياة الحيوان بالموت، ومثبتة لأجناسه بالتولد والتناسل. ومع هذا فانه بشع أن نضع بين ما لا نفس له وبين ما له نفس شيئا يتوسطهما. نحن نعلم أن خراطيم الماء والأصداف حيوان لا معرفة له ولا عقل، وأنه نبات وحيوان. فما الذى حمل الناس على أن سموه حيوانا إلا لسبب الحس فقط؟ وذلك أن للأجناس أن تعطى أسماءها وحدودها، فأما الأنواع فلا تعطى أنواعها إلا أسماءها فقط، وينبغى أن يكون الجنس من أجل سبب واحد، وألا يكون من أجل أسباب كثيرة. ووجود السبب الذى من أجله صح الجنس صعب جدا. ومن الحيوان حيوان ليس له أنثى، ومنه ما ليس له نتاج، ومنه ما لا حركة له، ومنه ما هو متلون مختلط، ومنه ما يلد ما لا يشبهه، ومنه مما ينمو.
Sayfa 246
فأما الذى هو ابتداء حياة هذا الحيوان، وما يخلص جنس الحيوان الكريم من الشك العظيم، كالذى نجد ذلك فيما تحويه السماء من الكواكب، وغير ذلك لأنه ليس خارج السماء شىء محسوس ينقاس شىء عليه، وكذلك فى الشمس وفى جميع الكواكب وذلك لأنها غير واقعة تحت الألم، والحس هو الألم وانفعال فى الحس. وليس للنبات حركة فى ذاته لأنه مربوط بالأرض، والأرض غير متحركة. بماذا نقيس الحياة؟ وبماذا نشبهها؟ ما نجد لها شيئا عاما. ولكن ينبغى لنا أن نقول إن العام للحياة هو الحس، لأن الحس هو المميز للحياة من الموت؛ وأما السماء، فلأن لها رئيسا أكرم وأجل من رئيسنا، فهى متباعدة عن هذه الأشياء. وينبغى أن يكون للحيوان الكامل والناقص أمر يعمهما، أعنى وجود الحياة وعدمها. وليس ينبغى لأحد أن يزوغ عن هذه الأشياء، لأنه ليس له متوسط بين المتنفس وغير المتنفس، ولا بين الحياة وعدمها؛ ولكن بين الحياة والمتنفس واسطة، لأن الغير متنفس هو ما لا نفس له ولا جزء من أجزائها. فأما النبات فليس هو بغير ذى نفس وذلك لأن فيه جزءا من أحزائها؛ ولا هو حيوان أيضا، لأنه ليس له حس، وهو منتقل من الحياة إلى عدمها قليلا قليلا، كالذى فى سائر الأشياء. ولنا أن نقول إن النبات متنفس على جهة أخرى. أو: لا نقول إنه غير متنفس إن كان ذا نفس؛ والحيوان هو ذو نفس كاملة، وأما النبات فهو شىء غير كامل؛ والحيوان محدود الأعضاء، وأما النبات فغير محدود الطبيعة، وللنبات طبيعة خاصية من أجل الحركة التى فى ذاته. ولقائل أن يقول إن له نفسا، لأن النفس هى المنشئة للحركات من الأماكن والشهوات، والشهوة والحركة فى الأماكن إنما تكون مع الحس. وأما اجتذاب الغذاء فيكون من المبدأ الطبيعى، وهذا عام للنبات والحيوان، وليس يكون مع اجتذاب الغذاء حس على كل حال، لأن كل مغتذ يستعمل فى غذائه شيئين وهما: الحرارة والبرودة، ولذلك احتاج الحيوان إلى غذاء رطب وغذاء يابس، لأن البرد موجود فى الغذاء اليابس؛ وذلك أن كل طبيعة من هاتين الطبيعتين غير مفارقة لصاحبتها ولذلك صار غذاء المغتذى دائما متصلا إلى وقت فساده، وينبغى أن نستعمل فى النبات نظير ذلك.
Sayfa 247
[chapter 2]
〈وينبغى〉 أن نفحص عما سلف من قولنا فى شهوة النبات وحركته ونفسه وما يتحلل منه. وليس للنبات نسيم، على أن أنكساغورس زعم أن له نسيما، وقد نجد كثيرا من الحيوان ليس له نسيم. ونجد عيانا أن النبات ليس له نوم ولا يقظة، وذلك أن اليقظة هى من فعل الحس، والنوم هو ضعف فى الحس، وليس يوجد شىء من هذا فى الشىء الذى يغتذى فى جميع الأوقات على حال واحدة وهو فى طبيعته غير حاس. وأحسب أن الحيوان إذا اغتذى وترقى البخار من غذائه إلى رأسه نام، وإذا انقطع البخار المرتقى إلى رأسه استيقظ من نومه. وارتفاع هذا البخار فى بعض الحيوان كثير، ووقت نومه طويل؛ وارتفاعه فى بعضه قليل ووقت نومه قصير. والنوم سكون الحركة، والسكون راحة للمتحرك.
Sayfa 248
وأخص الأشياء كلها بهذا العلم البحث عما قال همفدوقلس: هل يوجد فى النبات إناث وذكور، أو نوع جامع للذكر والأنثى — على ما زعم؟ لأن من شأن الذكر أن يولد الولد فى غيره، ومن شأن الأنثى أن تلد من غيرها، وأن يكون [فى] كل واحد منهما معتزلا عن صاحبه. وليس يوجد فى النبات شىء من هذا، لأن كل نوع من النبات الذكر منه ما كان خشنا صلبا، والأنثى كثيرة الثمر. وينبغى أن نبحث: هل يوجد الصنفان فى نبات واحد بعينه كما زعم همفدوقلس؟ أما أنا فما أحسب أن هذا شىء يكون، لأن الشىء الذى يختلط ينبغى أولا أن يكون مفردا فى ذاته، وكل ما كان منه ذكرا وأنثى ثم اختلط، واختلاط الشىء إنما يكون من أجل كونه. فقد كان النبات موجودا قبل اختلاطه؛ وما ينبغى أن يكون الفاعل والمنفعل فى وقت واحد معا. — وأيضا إنه ليس يوجد جوهر من الجواهر إناثه وذكوره فى شىء واحد معا. ولو كان هذا هكذا، لكان النبات أكمل من الحيوان، لأنه كان لا يحتاج فى توليده إلى شىء من خارج، بل هو محتاج إلى أزمنة السنة وإلى الشمس والاعتدال أكثر من كل شىء. ونجده يحتاج إلى ذلك فى وقت إبراز الثمر. ومبتدأ غذاء النبات من الأرض، ومبتدأ توليده من الشمس. إلا أن أنكساغورس زعم أن بزره من الهواء، ولذلك قال رجل يقال له ألقماون إن الأرض أم النبات، والشمس أبوه. وأما اختلاط ذكور النبات باناثه فلنا أن نتخيله على جهة أخرى، لأن بزر النبات شبيه بالحبل، وهو اختلاط الذكر بالأنثى؛ وكما أن فى البيضة قوة تولد الفروج ومادة غذائه إلى وقت نمائه وخروجه منها، والأنثى تبيض البيضة فى وقت واحد، فكذلك النبات أيضا. وقد جود همفلدوقلس فى قوله إن الشجر الطوال لا تولد فراخا، لأن الشىء النابت إنما ينبت فى جزء البزر، ويصير ما فيه فى بدء الأمر غذاء الأصل والسبب؛ والنابتة تتحرك على المكان. ولذلك ينبغى لنا أن نفكر فى اختلاط ذكور النبات باناثه. ومن الحيوان ما يشبه النبات فى حالة من الحالات، لأن الحيوان إذا واقع ذكوره باناثه اختلطت قوتهما بعد ما كانا مفترقين. فان كانت الطبيعة خلطت ذكور النبات باناثه فقد فعلت الصواب؛ وما نجد النبات فعالا سوى توليد الثمار؛ وإنما صار الحيوان منفردا معتزلا فى الأوقات التى لا يجامع فيها لكثرة أفعاله.
ومن الناس من يظن أن النبات تام كامل من أجل القوتين اللتين له ومن أجل غذائه المعد ولطول بقائه ومدته. وأنه إذا أورق وولد دامت له حياته وعاد إليه شبابه؛ ولم يتولد فيه شىء من الفضول. والنبات مستغن عن النوم لأسباب كثيرة، وذلك لأن النبات منتصب مغروس فى الأرض مربوط بها وليس له حركة من ذاته، ولا لأجزائه حد محدود، ولا له حس، ولا حركة إرادية ولا له نفس كاملة، بل إنما له جزٗ من أجزائها. والنبات إنما خلق من أجل الحيوان، ولم يخلق الحيوان من أجل النبات. وإن قلت إن النبات محتاج إلى غذاء خسيس ردىء، فانه يحتاج منه إلى شىء كثير قائم متصل غير منقطع. وإن صح أن للنبات على الحيوان فضلا، وجب أن تكون الأشياء الغير متنفسة أكرم من الأشياء المتنفسة؛ وفعل من أفعال الحيوان أفضل وأشرف من النبات. وقد نجد للحيوان جميع فضائل النبات وفضائل كثيرة معها. وقد أصاب همفدوقلس فى زعمه أن النبات تولد والعالم ناقص لم يستتم كاملا؛ فلما كمل وتم، تولد الحيوان. غير أنه ما قال قولا مستقيما، لأن العالم بكليته أزلى دائم، لم يزل يولد الحيوان والنبات وكل نوع من أنواعها. وفى كل نوع من أنواع النبات رطوبة وحرارة غريزية، فاذا فقدها مرض وهرم وفسد وجف. ومن الناس من سمى هذا فسادا، ومنهم من لا يسميه ذلك.
[chapter 3]
Sayfa 250
ومن الشجر ما له صمغ كالراتينج واللوز والمر والكندر والصمغ العربى ومن الشجر ما له عقد وعروق وخشب وقشر 〈و〉لحم داخل، ومنه ما أكثره قشور، ومنه ما ثمرته تحت قشوره. ومن أجزاء الشجرة أجزاء بسيطة، كالرطوبة الموجودة فيه والعقد والعروق، ومنها ما هو مركب من هذه الأشياء، مثل سائر ما فى الشجر من الأغصان والقضبان وغير ذلك. وليست هذه الأشياء كلها موجودة لجميع النبات، بل منه ما له هذه الأجزاء ومنه ما ليس له شىء. وللنبات أجزاء غير هذه مثل الأصول والقضبان والورق والأغصان والزهر والفقاح والاستدارة والقشر الذى يحوى الثمار.
Sayfa 251
وكما أن فى الحيوان أعضاء متشابهة الأجزاء، كذلك فى النبات أيضا. وكل جزء من أجزاء النبات نظير لعضو من أعضاء الحيوان، لأن قشر النبات نظير لجلد الحيوان، وأصل النبات نظير لحم الحيوان، والعقد التى فيه نظيرة لأعصاب الحيوان، وكذلك سائر الأشياء التى فيه. وكل جزء من هذه الأجزاء تتجزأ على جهة الأجزاء متشابهة، وتتجزأ لأجزاء غير متشابهه (لأن الطين يتجزأ على جهة التراب فقط، ويتجزأ على جهة الماء والتربة؛ واللحم يتجزأ فتصير أجزاؤه لحما، وهو يتجزأ على جهة أخرى للاستقصات والأصل). وليس تنقسم اليد ليد أخرى، ولا الأصل لاٴصل آخر، ولا الورق للورق؛ ولكن فى الأصل والورق تركيب. وأما الثمار فمنه ما هو مركب من أجزاء يسيرة، ومنه ما هو مركب من أجزاء كثيرة مثل الزيتون، لأن الزيتون 〈ذو〉 أربع طبقات: جلده، ولحمه، ونواه، وبزره. ومن الثمار ما هو ذو ثلاث طبقات. وجميع البزور هى ذات قشرين. وأجزاء النبات هى ما وصفنا. وجملة القول أن تحديد أجزاء النبات وجميع طبقاته واختلاف طبائعه شديدة، لا سيما حدود قوامه ولونه ووقت بقائه والآلام العارضة عليه. وليس للنبات أخلاق النفس، ولا فعل مثل الحيوان. وإن قسنا أجزاء الحيوان بأجزاء النبات طال كلامنا، ولعلنا لا نسلم فى صفتنا لأجزاء النبات من الاختلاف الكثير، لأن جزء الشىء هو من جنسه وجوهره الخاص؛ وإذا تكون بقى على حاله أبدا، إلا أن يسقط عن حاله بسبب مرض أو زمانة أو هرم. ومن زهر النبات وفقاحه وورقه وثماره ما يكون فى كل سنة، ومنه ما لا يكون فى كل سنة ولا يبقى مثل القشور. والجرم الساقط من الشىء يرميه ويسيبه، وليس ذلك فى النبات: لأنه قد يسقط من النبات أجزاء كثيرة فينبت بدلها، إما فوق مكانها وإما أسفله.
Sayfa 252
فقد صح أن أجزاء النبات غير محدودة: إن كانت هذه الأجزاء هى أجزاء النبات، وإن كانت غير أجزائه. وقبيح بنا أن نقول فى الشىء الذى به ينمو الحيوان ويكمل إنه ليس بجزئه؛ ومما ينبغى لنا أن لا نجعل ثمر النبات من أجزائه، لأن الجنين ليس هو بجزء لأمه؛ وأما الورق وسائر ما فيه فانه من أجزائه، وإن كان غير محدود وكان ينتثر ويسقط؛ لأن قرون الأيل وشعر بعض الحيوان وريش بعضه الذى يحتقن فى الشتاء فى الكهوف وتحت الأرض يتساقط أيضا، وهذا شبيه بانتثار ورق النبات.
وينبغى لنا أن نتكلم فى الأشياء التى ذكرنا آنفا، وأن نأخذ فى ذكر الأجزاء الخاصية والعامية والاختلاف الذى فيه. فنقول: فى أجزاء النبات اختلاف عظيم فى الكثرة والقلة والصغر والكبر والقوة، وذلك لأن الرطوبة التى فى الكبار: منها ما هو لبن مثل لبن التين، ومنها ما هو شبيه بالزفت مثل الرطوبة التى فى الكرم، ومنها صعترى مثل الرطوبة التى فى الصعتر والنبات المعروف بأوريغانون. وفى جملة القول إن من النبات نباتا له أجزاء محدودة معروفة، ومنها ما له أجزاء محدودة غير متشابهة ولا مستوية، ومنها ما له أجزاء متشابهة وغير متشابهة، ليس مكانها فى موضع. واختلاف النبات فى أجزائه معروف من شكله ولونه، وسخافته وكثافته، وخشونته ولينه، وسائر ما يعرض فيه من الاختلاف فى الاستواء وزيادة العدد ونقصانه ومن كبره وصغره. ومنه ما لا يكون على حال، بل فيه اختلاف كثير، على ما قلنا.
[chapter 4]
Sayfa 253
أعنى 〈أن〉 من النبات ما يحمل ثمره فوق ورقه، ومنه ما يحمل ثمره تحت ورقه؛ ومنه ما ثمره معلق بقامته، ومنه ما ثمره معلق فى أصله مثل الشجر الذى بمصر المعروف بأرخسنو؛ أو ما فوق؛ ومنه ما ثمره فى وسطه. ومن النبات ما ورقه وعقده غير مستور، ومن النبات ما ورقه مستور ومنه ما له أغصان متساوية مثل النبات الذى له ثلاثة أغصان. وهذه الأجزاء التى أذكرها هى 〈من〉 جملة النبات، وهى نامية متزيدة أيضا، أعنى الأصل والقضبان وقوائم النبات وأغصانه؛ وهى تعدل أعضاء الحيوان التى تحوى سائر الأغصان. وأصل النبات هو الذى يكون الغذاء بوساطته، ولذلك سماه اليونانيون أصل النبات وسبب حياته، لأن الأصل هو المؤدى إلى النبات سبب الحياة. وأما قضيب النبات فهو الذى ينبت من الأرض مفردا وحده، وهو شبيه بقائمة الشجر. وأما الشعب فهى ما يتشعب من قائمة النبات. وأما الأغصان فهى التى تنبت من فوق الشعب؛ وليست الأغصان بموجودة فى جميع النبات. ومن النبات ما له أغصان ليست بالدائمة أبدا، بل إنما تكون سنة بعد سنة. ومن النبات ما لا أغصان له ولا ورق، مثل الكمأة والفطر. والأغصان إنما تنبت فى الأشجار فقط. والقشر والخشب ولب الشجر ينبت من الرطوبة. ومن الناس من يسمى لب الشجر رحما، ومنهم من يسميه معى الشجر، ومنهم من يسميه قلب الشجر. والعقد والعروق واللحم فى جميع النبات من الأربعة الأسطقسات. وقد توجد فى النبات أجزاء أخر تصلح للنتاج مثل الورق والزهر والقضبان الصغار التى فيها ورق النبات، وكذلك الثمرة والغصن والفقاح النابت من البزور وما حوله.
Sayfa 254
ومن النبات ما يسمى شجرا، ومنه ما هو بين الشجر والحشيش ويسمى بامبراخيون ومنه ما يسمى حشيشا، ومنه ما يسمى عشبا. والنبات كله — إلا القليل منه — داخل فى هذه الأسماء. والشجر هو الذى له من أصله قائمة يتشعب منها أغصان كثيرة كالزيتون والتين وأما النبات الذى بين الشجر الذى قلنا إنه يسمى بامبراخيون فهو ما كثرت أغصأنه من أصله مثل النبات المعروف بفاليورس، ومثل القصب والعوسج. وأما البقول فهى التى لها قوائم كثيرة من أصلها كثيرة الأغصان، مثل السذاب والكرنب. وأما العشب فهو الذى يحمل الورق من أصله، وليس له قوائم. ومنه ما ينبت فى كل سنة ويجف، مثل الحنطة والبقول. وإنما جعلنا هذه الأشياء قياسات ومثالا ورسما. ومن النبات ما يميل إلى طرفين، مثل البقلة المعرفة بالملوخية لأنها عشب وبقل، وكذلك السلق. ومنه ما ينبت فى أول مرة على شكل نبات الحبوب والفاسوا. ثم يصير بعد ذلك شجرا مثل التين والفنجنكست والنبات المعروف بقارالسوس والعليق، وربما دخل الآس والتفاح والكمثرى والرمان فى مثل هذه الأشياء لأن شعب هذه كلها من أصولها كثيرة جدا، ولذلك احتجنا إلى أن نحدها لتصير لنا شبه المثال والقياس؛ وما ينبغى أن نطلب فيها كلها استقضاء الحدود.
والنبات كله منه أهلى، ومنه بستانى، ومنه برى. وكذلك الحيوان أيضا منه كذلك. وأحسب أن كل نوع من النبات إذا لم يعن بفلاحته صار بريا. ومن النبات ما يحمل الثمار، ومنه ما لا يحصل؛ ومنه ما يخرج الزهر، ومنه ما لا يخرج؛ ومنه ما له ورق، ومنه ما ليس له ورق، ومنه ما ينثر ورقه، ومنه ما لا ينثر ورقه. واختلاف النبات بعضه من بعض فى الكبر والصغر، والحسن والسماجة، وجودة الثمر ورداءته كبير جدا. والأشجار البرية أكثر ثمارا من البستانية، والبستانية أجود ثمارا من البرية. ومن النبات ما يكون فى مكان جاف يابس، ومنه ما ينبت فى البحار، ومنه ما ينبت فى الأنهار، ومنه ما ينبت فى البحر الأحمر: يكون كبيرا، وفى غيره يكون صغيرا. ومن النبات ما ينبت على شاطىء الماء، ومنه ما ينبت فى الآجام. وأما النبات الذى يكون فى المواضع اليابسة فان منه ما ينبت فى الجبال، ومنه ما ينبت فى البقاع، ومنه ما يعشب فى الصخر أكثر من عشبه فى غيره، ومنه ما يعشب على التلول، ومنه ما يعشب على البر والماء مثل العرف والطرفاء والأشنة. والنبات يتغير فى الأماكن تغيرا عظيما، فلذلك احتجنا إلى إحصاء اختلافه وتغيره.
[chapter 5]
Sayfa 256
والنبات لاصق بالأرض غير مفارق لها. ومن الأماكن مكان أجود من مكان، وتربة أجود من تربة. وكذلك الثمار: فأنها فى مكان أجود منها فى آخر. ومن النبات ما ورقه أملس، ومنه ما ورقه غليظ ومنه دقيق الورق، ومنه مشطب الورق مثل ورق الكرم. ومنه ما له قشر واحد مثل التين، ومنه ما له قشور كثيرة كالصنوبر؛ ومن النبات ما هو بكليته قشور محض مثل البلاس. ومن النبات ما له عقد مثل القصب، ومنه ما له شوك مثل العوسج، ومنه ما لا غصن له كالتيل، ومنه ما أغصانه كثيرة مثل العليق. ومنه ما فيه اختلاف كثير، 〈ومنه ما فيه اختلاف يسير〉 وأما اختلافه العظيم 〈فمثل أن〉 منه ما يخرج فراخا، ومنه ما لا يخرج؛ وإنما يكون ذلك من اختلاف الأصول. ومن النبات ما له أصل واحد، مثل العنصلان، لأنه إنما تنبت له شعبة واحدة ويغوص إلى أسفل وإلى قعر كبير، وكلما كبر وقرب من الشمس نما وازداد، لأن الشمس هى المولدة للفراخ.
Sayfa 257
وأما القطرات التى فى الثمار فمنها مشروبة خمرية، مثل ثمر الكرم والتفاح والرمان والتوت والآس. ومنها عصارة دسمة كالزيتون والجوز والصنوبر؛ ومنها حلوة عسلية كالتمر والتين؛ ومنها حارة حريفة كالسعتر والخردل؛ ومنها عصارة مرة مثل عصارة الافسنتين والقنطوريون . والثمار أيضا منها ما هو مركب من لحم ونوى، مثل الإجاص والقثاء؛ ومنها ما هو مركب من رطوبة وحب، كالرمان؛ ومنها ما له قشر من خارج ولحم من داخل، ومنها ما له لحم من خارج وحب من داخل؛ ومنها ما يتولد فيه البزر من ساعته مثل الغشاء المغشى عليه كالتمر واللوز؛ ومنها ما لا يتولد فيه. وأما المأكول من الثمار وغير المأكول فانه بالعرض، لأنه من الثمار ثمار يأكله بعض الناس ولا يأكله بعضهم، ومنه ما يأكله بعض الحيوان ولا يأكله بعض. ومن الثمار ما هو فى لحم كالتمر، ومنه ما هو فى قشر كالبلوط واللقاح، ومنه ما هو فى قشور كثيرة وفى صفائق ونوى كالجوز. ومنه ما ينضج سريعا كالتوت، ومنه ما يبطىء نضجه كثمر الجبال كلها أو أكثرها. ومن النبات ما يسرع فى إخراج الثمار والورق، ومنه ما يبطىء فى ذلك. ومنه ما يتم ثماره، ومنه ما لا يتم؛ ومنه ما تجف ثماره، ومنه ما لا ينضج، ومنه ما تدرك ثماره فى الشتاء من غير أن تنضج. وأما لون الزهر والثمار فكثير مختلف الألوان. والنبات بكليته أخضر، ومنه ما يميل إلى السواد وإلى الحمرة وإلى البياض. وأما شكل الثمار فما كان منه بريا فهو مختلف؛ وليس الثمار كله ذا زوايا، وليس كله على خط مستو.
[chapter 6]
ومن النبات ما له رائحة طيبة فى قشره، ومنه ما له ذلك فى زهره، ومنه فى خشبه، ومنه ما طيبه فى أجزائه كلها، مثل البلسان.
Sayfa 258
وبعض النبات ينبت إذا غرس، وبعضه إذا زرع، ومنه ما ينبت من تلقاء نفسه. والنبات المغروس إما يقطع من أصله فيغرس، وإما من قامته، وإما من أغصانه أو قضبانه أو بزره، أو كله؛ أو إذا دقت قطع صغار منه. ومنه ما يغرس فى الأرض، ومنه ما يغرس فى الشجر مثل الشىء الذى يطاعم. وإنما ينبغى أن يطاعم الشجر بما يشبه ويشاكله، لأنه إذا فعل ذلك نما نموا حسنا، أعنى أن يطاعم التفاح مع الكمثرى ، والتين مع التين، والكرم مع الكرم وقد يطاعم الشجر مع الشجر المختلف الجنس كالفستق فى اللوز، والبطم بالزيتون، والعليق فى أشجار كثيرة، والشجر البرى مع البستانى. والنبات كله لا يخرج بزرا شبيهة ببزره، لكن من النبات ما يخرج بزرا أجود من بزره. ومنه ما يخرج البزر الردىء شجرا جيدا كاللوز المر والرمان الحامض ومنه ما إذا ضعف لم يخرج بزرا أصلا مثل الصنوبر والنخل. وليس ينبت من البزر الردىء نبات جيد بسهولة، ومن البرز الجيد نبات ردىء. وأما فى الحيوان فقد يتولد من الردىء جيد ومن الجيد ردىء.
Sayfa 259
والشجر الصلب القشر الذى لا يثمر إن شق إنسان أصله وأدخل فيه حجرا اثمر. فأما النخل فاذا انتثر فى طلعه من طلع النخل الذكر مع دقيقه وقشره أضنج ثماره ومنع من الانتثار. ومما يعرف الذكر من النخل 〈أنه〉 مما يتقدم فيصير طلعه دقيقا، ومن رائحته، ويكون طلعه أيضا دقيقا؛ وربما هبت ريح شديدة فأدت من رائحة الذكر إلى الأنثى فتنضج ثمارها ولا ينثر إذا جعل فيها من طلع الذكر [وأما بزر الأترج فان سحقه الإنسان وشربه مع الخمر بعد شرب الأدوية القتالة أنقذه من الموت، وذلك لأنه يصل إلى البطن ويخرج السم]. والتين الجبلى الممتد على الأرض نافع للتين البستانى، والجلنار للزيتون، إذا غرسا فى مكان واحد.
[chapter 7]
Sayfa 260
ومن النبات ما يتغير ويصير شيئا بدل شىء، مثل الجوز إذا شاخ. ويزعمون أن النمام ربما تغير وصار نعنعا، والباذروج إذا حصد وصير بقرب البحر الأحمر ربما صار شاهسفرم. وأما الحنطة والكتان فانهم يزعمون 〈أنهما〉 ربما تغيرا وصارا شيلما. وأما اللبخ فقد كان فى أرض فارس قتالا فنقل إلى أرض مصر والشام فصار مأكولا. واللوز والرمان يتغيران عن رداءتهما إذا عنى الفلاح بفلاحتهما: أما الرمان فهو يجود إذا طرح فى أصله من بزر الخبازى وسقى بماء بارد عذب؛ وأما اللوز فاذا ضرب الإنسان فيه سكة من حديد وأخرج منه الصمغ السائل زمانا طويلا. وإذا فعل الإنسان مثل هذا الفعل نقل كثيرا من النبات البرى إلى البستانى، والمكان والفلاحة مما يعنيان على ذلك، وبخاصة أزمنة السنة التى يغرس فيها. ومن النبات ما يحتاج إلى الغرس، ومنه ما لا يحتاج إلى ذلك. وأكثر النبات يغرس فى الربيع، والقليل منه يغرس فى الشتاء والخريف؛ وأما أقل النبات فالذى يغرس بعد طلوع الكوكب المعروف بكلب الجبار، وأقل المواضع التى يغرس الغرس فيها فى هذا الوقت؛ وإنما يغرس الغرس بعد طلوع الكوكب المعروف بكلب الجبار فى بلد فرونية وافريشيه؛ وأما فى مصر فما يغرس فيها إلا مرة واحدة فى السنة.
Sayfa 261
ومن الشجر ما يورق من أصوله، ومنه ما يورق من عيونه، ومنه ما يورق من خشبة الأملس، ومنه ما يورق من كل مكان فيه، ومنه ما يقرب فيه التوريق، ومنه ما يتأخر فيه، ومنه ما يتوسط فى ذلك، ومنه ما يختلف وقت توريقه. ومن النبات ما يحمل فى السنة مرة واحدة، ومنه ما يحمل فى السنة مرارا كثيرة ولا تنضج ثمارة، بل تبقى فجة غير نضيجة، ومنه ما تدوم كثرة حملة كالتين، ومنه ما يحمل فى وقت كبره وهرمه أكثر من حمله فى شبيبته كاللوز والكمثرى والبلوط. وبعض الناس يزعم أن اختلاف النبات البستانى يعرف من طبع ذكورته وإناثه، إذا ميز كل واحد منه بالخاصة الموجودة له، لأن الذكر أكثف من الأنثى وأكثر أغصانا وأقل رطوبة وثماره أصغر وأقل نضوجا وورقة مخالف وكذلك شعبه.
وينبغى لنا إذا نقدنا هذه الأشياء أن نتفرس فى الشجر على حدته، وكذلك أيضا فى الحشيش والشعب. وسندكر قول القدماء فيها ونمارس علومهم وكتبهم الموضوعة فى هذه الأشياء. ونحن قادرون على فحص أقدر من هذا، أعنى أنما نفحص عن العشب البعلى، وعن العشب الذى يكون منه البزر وعن النبات الخمرى الشرابى، وعن النبات الطبيعى، وعن نبات الأدوية، وعن النبات القتال. وهذه الأشياء كلها معروفة من الأشجار والنبات. فأما علم أسبابها فينبغى أن نطلب ابتداء كونها وكيف صار بعضها ينبت فى مكان دون مكان وفى زمان دون زمانها وحين نباتها، وأصولها ، واختلاف عصاراتها وروائحها ولبنها وصموغها وجودة كل واحد منها وردائه وبقاء ثمارها وفناؤه ولم صار ثمار بعضها يعفن سريعا وبعضها لا يعفن، وأن منها ما تلين ثماره ومنها ما لا تلين ثماره؛ ونفحص عن خواص سائر النبات وبخاصة عن الأصول، وكيف صار بعضها يهيج شهوة الجماع، وبعضها يجدلب النوم، وبعضها قتال؛ ولبعضها اختلاف كثير عظيم.
تمت المقالة الأولى من كتاب النبات لأرسطوطاليس والحمد لله رب العالمين PageV01P26 2
[book 2]
[chapter 1] بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر المقالة الثانية من كتاب النبات لأرسطو تفسير نيقولاوس ترجمة إسحق بن حنين، باصلاح ثابت بن قرة
قال أرسطو:
Sayfa 263
إن النبات له ثلاث قوى: قوة من جنس الأرض، وقوة من جنس الماء، وقوة من جنس النار. فأما ما كان من جنس الأرض فهو ثبات النبات، وما كان من جنس النار فهو تأليف النبات، 〈وما كان من جنس الماء فهو وحدة النبات〉. وكثيرا ما يشاهد هذا فى الفخار: فان فيه ثلاثة أشياء: أولها الطين الذى ينبت عليه أس الفخار، والثانى الماء الذى يتربى فيه الفخار، والثالث النار الذى تجتمع فيه أجزاء الفخار حتى يتم كونه به. فاظهار التأليف كله بالنار، وذلك أن فى الفخار تخلخلا فى أجزائه، فاذا أحرقه النار انبثت مادة الرطوبة وتلاصقت أجزاء الطين وقام اليبس مقام الرطوبة بالغلبة. والطبخ فى كل الحيوان والنبات والمعادن، فان الطبخ حيث تكون الرطوبة والحرارة إذا تناهى فى الفعل؛ ويكون فى طبخ الأحجار والمعادن. فأما الحيوان والنبات فليس كونه كذلك، لأن أجزاءه غير منحصرة، ولذلك كان منه الرشح والعرق: فأما العرق فللحيوان، وأما الرشح فللنبات. وأما المعادن فلا رشح فيها ولا عرق، لأن أجزاءها غير متخلخلة فلا يخرج منها شىء غيرها كما يخرج من الحيوان والنبات الفضول، وإنما يخرج من حيث التخلخل. وأما مالا تخلخل فيه فلا يخرج منه شىء ألبتة، ولذلك صار مصمتا، أى لا يمكن فيه الزيادة، لأن ما يمكن فيه الزيادة حتى ينمى ويكبر يحتاج إلى موضع ينمى فيه، وإذا كان مصمتا لم يكن له موضع ينشأ فيه ويكبر. ولذلك صارت الأحجار والأملاح والترب أبدا على حالة واحدة لا تزيد ولا تكبر. فأما النبات فان الحركة فيه تسوغ، لأن اليبس الذى هو أحد قوى الأرض يجذب الرطوبة. فاذا اجتذبها كان مع اجتذابها حركة تحمى الموضع فيقع الطبخ فى حالة واحدة، ولذلك صار أكثر الحشائش يتكون فى ساعة أو يوم واحد؛ وليس كذلك الحيوان، لأن الحيوان طبيعة مخالفة لذاته. وإنما يكون الطبخ عند استعمال الحيوان المادة: فأما النبات فمادته قريبة منه فلذلك أسرع كونه ونشوؤه وكبره. وكذلك اللطيف منه أسرع كونا من المتكاثف فيحتاج إلى قوى كثيرة لاختلاف شكله وتباعد أجزائه بعضها من بعض فى الطبيعة. فأما الحشائش والزرع فأجزاؤه قريبة بعضها من بعض، ولذلك أسرع كونه للطاقة بعضها من بعض فكملت فى أسرع زمان. وأما النبات فأكثره متخلخل الأجزاء، وذلك أن الحرارة فى بطون الأرض فى التخلخل، وليس من شأن الماء أن يصعد إلى فوق لكن الحرارة تجذب تلك الرطوبة إلى أقصى النبات فتصير المواد فى جميع أجزاء النبات فما فضل عنه رشحه. وكذلك الحمام: فان الحرارة تجذب تلك الرطوبة فتجعلها بخارا عاليا، فاذا أفرط فى الموضع رجع قطرا. وكذلك الفضول فى الحيوان والنبات ترجع من العلو إلى أسفل وتصعد من أسفل إلى العلو فى الأفاعيل.
وكذلك الأنهار التى تحت الأرض، فان كونها من الجبال، ومادتها من الأمطار. فاذا كثرت المياه واحتقنت تولد من ذلك بخار حار لاحتقانها فخرق الأرض كلها ذلك البخار فظهرت العيون والأنهار، وقد كانت قبل ذلك باطنة.
Sayfa 264
[chapter 2]
Sayfa 265