إذ تبرأ الذين اتبعوا} وهم الأنداد المتبوعون، {من الذين اتبعوا} من الأتباع العابدين (¬1) غير الله، {ورأوا العذاب} أي بتراء، وفي حال رؤيتهم العذاب، {وتقطعت بهم الأسباب(166)} الوصلات التي كانوا يتواصلون بها، والأرحام التي كانوا يتعاطفون بها، والمعنى: زال عنهم كل سبب يمكن أن يتوصل به من مودة أو عهد أو قرابة، التي كانت من الاتفاق على دين واحد، والأغراض الداعية (¬2) الباطلة الزاهقة عند بيان الحقائق وانكشافها، لأن الظواهر تنمحق والبواطن تتحقق.
{وقال الذين اتبعوا} أي الأتباع، {لو أن لنا كرة} رجعة إلى الدنيا، {فنتبرأ منهم} على سبيل المجاراة لأنهم يتعذبون ببراءتهم من بعضهم بعض، {كما تبرءوا منا} أي بترك طاعتهم وعبادتهم والانقياد إليهم، كما تركونا ووحدونا، لأنا علمنا أنهم لا ينفعونا إن عبدناهم، ولا يضرونا إن تركناهم، وفي هذا يدخل جميع ما يشغل عن طاعة الله من جميع معاصي الله التي تعود عليهم حسرات [40] كما قال: {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} أي: أن أعمالهم التي يحسبونها شيئا، ولم يجدوها (¬3) كما حسبوها تنقلب حسرات عليهم، فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم؛ {وما هم بخارجين من النار(167)} بل هم فيها دائمون، باقون ببقاء الله.
{
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: «لعابدين»، وهو خطأ.
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولم يظهر معنى هذه الكلمة في هذا السياق، ولعل صوابها: «المتداعية»، من «تداعى البناء والحائط للخراب، إذا تكسر وآذن بانهدام». أي أن الأغراض الباطلة تتداعى وتتحطم أمام الحق. انظر: ابن منظور: لسان العرب، 2/988، مادة «دعا».
(¬3) - ... في الأصل: «يجددوها»، وهو خطأ.
Sayfa 86