255

Muwatta Tefsiri

تفسير الموطأ للقنازعي

Araştırmacı

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

Yayıncı

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Yayın Yeri

قطر

Türler

والإبِلِ، فَلَو مَنَعُونِي زَكَاةَ عاَمٍ وَاحِدٍ لَجَاهَدْتُهُم على ذَلِكَ (١).
وقالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: إنَّمَا قالَ أَبو بَكْرٍ هذِه المَقَالَةَ في أَهْلِ الرِّدّةِ الذينَ ارْتَدُّوا في خِلاَفَتِه بعدَ مَوْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وزَعَمُوا أَنَّهُم يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ولَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، فلمْ يُجِبْهُم أَبو بَكْرٍ إلى ذَلِكَ، وقالَ: (واللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بينَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ، واللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُم عليهِ) (٢)، فَقَاتَلَهُم أبو بَكْرٍ، وسَبَى ذَرَارِيهِم، وأَجْرَاهُم مَجْرَى النَّاكِثينَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، الذينَ إذا نَكَثُوا مَا عَهَدَهُم عليهِ المُسْلِمُونَ وَجَبَ قِتَالُهُم، وسَبْي ذرَارِيهِم، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ رَدَّ ذُرِّيتَهُم ونِسَاءَهُم إلى عَشَائِرِهم، وأَجْرَاهُم مَجْرَى المُرْتَدِّينَ مِنَ المُسْلِمينَ.
وقالَ مَالِكٌ: ولَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ المُرْتَدِينَ بارْتدَادِه هُو ولَا أَحَدٌ مِنْ ذُرَّيَتِه فَيْئًَا، لَحِقَ بِدَارِ الحَرْبِ أَو لَمْ يَلْحَقْ بها.
قالَ ابنُ أَبي زيدٍ: والصَّحَابةُ إذا اخْتَلَفُوا في حُكْمٍ مِنَ الأَحْكَامِ وَسِعَ الإخْتِلاَفُ مِنْ أَقَاوِيلِهم، والأَخْذُ بِمَّا يَقْوَى في الأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ، وقدْ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ أَوْلاَدِ المُرْتَدّينَ، فلَا يُزِيلُها رِدَّةُ آبَائِهِم، والدَّلِيلُ على ذَلِكَ قَوْلُ النبي ﷺ: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرَةِ) (٣)، يعنِي: يُولَدَ على فِطْرَةِ الإسْلاَمِ، وأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ أَنَّ لِوَلَدِ المُؤْمِنِ حُكْمُ أَبيهِ في الدِّينِ وَالمَوَارَثَةِ، وأنَّ لِوَلدِ الكَافِرِ حُكْمُ أَبيهِ في الدِّينِ والمَوَارَثَةِ والإسْتِرْقَاقِ، ولَم يَخْتَلِف العُلَمَاءُ فِيمنْ أَسْلَمَ مِنَ الكُفَّارِ أنَ لِوَلَدِه الصَّغَارِ حُكْمُ أَبِيهِم في الدّينِ والأَحْكَامِ، فَلِهَذا كُلُّه لا يُسْتَرَقُّ وَلَدُ المُرْتَدِّ، واللهُ المُوَفِّقُ للصَّوَابِ.

(١) العقال: هو الحبل الذي كان يعقل به الفريضة التي كانت تؤخذ في الصدقة إذا قبضها المصدق، وذلك أنه كان على صاحب الإبل أن يؤدي مع كل فريضة عقالا تعقل به، ينظر: النهاية ٣/ ٣٨٠، وعمدة القاري ٨/ ٢٤٦.
(٢) رواه البخاري (١٣٣٥)، ومسلم (٢٠)، من حديث أبي هريرة.
(٣) رواه البخاري (١٣١٩)، ومسلم (٢٦٥٨)، من حديث أبي هريرة.

1 / 268