بعدَ الفَجْرِ أَجْزَأ على حَسْبِ مَا فَعَلَ ابنُ عبَّاسٍ وعُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ.
ولا يَقْضِي بعدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، مِنْ أَجْلِ أنَّ السُّنَنِ إذا ذَهَبتْ أَوْقَاتُها لم تَكُنْ فِيها إعَادَةٌ، وليْسَتْ كالفَرَائِضِ التي أَوْقَاتُها أَبَدًا مُدْرَكَةً.
قالَ عِيسى: إذا خَرَجَ الإمَامُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ قبلَ أَنْ يُوتِرَ فَأَقَامَ المُؤذِّن الصَّلَاةَ، فإنَّهُ يُسَكِّتُه الإمَامُ، كَمَا فَعَلَ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ، ولا يُسَكِّتْهُ لِرَكْعَتِي الفَجْرِ، ولَكِنُّهُ يُصَلي الصُّبْحَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتِي الفَجْرِ إذا طَلَعَت الشَّمْسُ إنْ أَحَبَّ، وهُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ.
وقالَ أَشْهَبً (١): هُمَا سُنَّةٌ
قالَ أبوالمُطَرِّفِ: إنَّما أُمِرَ مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَا الفَجْرِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ أنْ يُصَلِّيهَا إذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ؛ لأن الرَّغَائِبَ إذا تُرِكَتْ فَلَمْ تُصَلَّى في أَوْقَاتِها المَعْرُوفَةِ لهَا قُضِيتْ بعدَ ذَلِكَ.
كمَا قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: (مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَضَاهُ عندَ زَوَالِ الشَّمْسِ فكأَنَّهُ لم يُفِتْهُ) فأَبَاحَ لَهُ قَضَائَهُ في غَيْرِ وَقْتِهِ.
ورَوى القَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَن ابنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ ﷺ: "أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إذا سَكَتَ المُؤَذَنُ عندَ الأَذانِ بِصَلاَةِ الصُّبْحِ وبَدأَ الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ" (٢)، وهَذه الرِّوَايةُ تُبَيِّنُ أنَّ رَكْعَتِي الفَجْرِ لا تُصَلَّى قَبْلَ الفَجْرِ، ولمْ يَذْكُرْ يحيى ولا ابنُ بُكَيْرٍ في هذا الحَدِيثِ (وبَدأَ الصُّبْحُ)، كمَا رَوَاهُ القَعْنَبِيُّ.
* قَوْلُهُ - عليهِ السَّلاَمُ -: "أَصَلاَتَانِ مَعًَا؟ " يُرِيدُ بذَلِكَ: النَّهْيَ عَنْ صَلاَةِ النَّافِلَةِ والإمَامُ يُصَلِّي فَرِيضَةً.