[الجزء الاول]
مقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين أخبرنا القاضي أَبُو بَكْر محمد بن عقيل بن زَيْد الشّهْرَزُوريّ- ﵁ قَالَ: حدثنا القاضي أَبو عَبْد اللَّه محمد بْن علي بن زادلج، قال: حدثنا عبد الخالق ابن الْحَسَن، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بن ثَابِت «١» بن يعقوب الثوري المقري «٢»، قَالَ: حدثنا أَبِي، قَالَ: حدثنا الْهُذَيْلُ بن حبيب أَبُو صَالِح الزيداني عن مُقَاتِلٍ بن سُلَيْمَان عن ثلاثين رَجُلا منهم اثني عشر رَجُلا من التابعين منهم من زاد عَلَى صاحبه الحرف ومنهم من وافق صاحبه فِي التفسير فَمن الاثني عشر عَطَاء بن أَبِي رباح، والضحاك بن مُزَاحِم، ونافع مَوْلَى ابن عُمَر، والزُّبَيْر وابن شهاب الزُّهْرِيّ، ومُحَمَّد بن سِيرِينَ، وابن أَبِي مَلِيكة، وشهر بن حَوْشَب، وعكرمة، وعطية الكوفي، وأَبُو إسحاق الشَّعْبِيّ، ومُحَمَّد بن على ابن الحسين بن علي، ومن بعد هَؤُلاءِ قَتَادَة ونظراؤه حَتَّى ألفت هَذَا الكتاب. قَالَ عَبْد الخالق بن الْحَسَن: وجدت عَلَى ظهر كتاب عُبَيْدُ اللَّهِ بن ثَابِت عن أَبِيهِ تمام الثلاثين الَّذِين رَوَى عَنْهُمْ مُقَاتِلٌ «٣» . قَالَ: حدثنا الْهُذَيْلُ، قَالَ: رجال مُقَاتِلٍ الَّذِين أَخَذَ التفسير عَنْهُمْ سوى من سمينا قَتَادَة بن دعامة، وسليمان بن مهران الأعمش، وحماد
_________
(١) فى الأصل: عبد الله بن ثابت، وهذه المقدمة كلها ساقطة من ل.
(٢) فى الأصل: المقري، ومن شأن الناسخ أن يترك الهمزة فى مثل هذا الموضع.
(٣) فى الأصل: عبيد الله بن ثابت تمام الثلاثين عن أبيه الذين روى عنهم مقاتل عن أبيه.
1 / 25
ابن أَبِي سُلَيْمَان، وإسماعيل بن أَبِي خَالِد، وابن طاوس اليماني، وعبد الكريم وعبد القدوس صاحبي الْحَسَن، وأَبُو روق، وابن أَبِي نجيح، وليث بن سُلَيْم، وأيوب وعَمْرو بن دينار «١»، وداود بن أَبِي هند، والقاسم بن «٢» محمد، وعَمْرو بن شُعَيْب، والحكم بن عُتْبَة، وهشام بن حَسَّان، وسفيان الثَّوْرِي. ثُمّ قَالَ أَبُو محمد:
قَالَ أَبِي. فقلت لأبي صَالِح: لم كتب عن سُفْيَان وَهُوَ أكبر منه؟ فَقَالَ: إن مُقَاتِلٍ عُمِّر فكتب عن الصغار والكبار.
قَالَ أَبُو محمد: قَالَ أَبِي: قَالَ أَبُو صَالِح: بِذَلِك أَخْبَرَنِي مُقَاتِلُ.
قَالَ: حدثنا عَبْد اللَّه، قَالَ: وحَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حدثنا الْهُذَيْلُ عن مُقَاتِلٍ، قَالَ: أنزل القرآن عَلَى خمسة أوجه أمره، ونهيه، ووعده، ووعيده، وخبر الأولين. قَالَ: حدثنا عبيد الله قال: وحدثني أبي قال: حَدَّثَنِي الْهُذَيْلُ عَنِ الْمُسَيِّبِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- ﵁ قَالَ: تَعَلَّمُوا التَّأْوِيلَ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ أَقْوَامٌ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ. قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله، قال:
حدثني أبي، قال: حدثنا الْهُذَيْلُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ- ﷿ كِتَابًا إِلا أَحَبَّ أَنْ يُعْلَمَ تَأْوِيلُهُ، قَالَ: حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الْهُذَيْلُ عن إسماعيل بن عَيَّاش الحِمْصِيّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي مُعَاذ بن رِفَاعة عن إِبْرَاهِيم العُذْريّ قَالَ: يحمل هَذَا العلم من كُلّ خلف عدو له ينفون عَنْهُ تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، قال:
حدثنا عبيد الله، قال: وحدثني أبي، قَالَ: حدثنا الْهُذَيْلُ عن سُفْيَان الواسطي، قَالَ: إن مثل من قرأ القرآن وَلَم يعلم تفسيره كمثل رَجُل جاءه كتاب أعز الناس
_________
(١) فى الأصل: عمر بن دينار.
(٢) فى الأصل: القسم بن محمد.
1 / 26
عَلَيْه ففرح به فطلب من يقرؤه (لَهُ) فلم يجده وَهُوَ أمي. فهكذا من قرأ القرآن وَلَم يدر ما فِيهِ. قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله، قال: وحدثني أبي عن الهذيل عن على ابن عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا إِذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ- ﷺ الْعَشْرَ آيَاتٍ «١» مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نُجَاوِزْهُنَّ إِلَى غَيْرِهِنَّ حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهِنَّ.
قال: حدثنا عبيد الله، قال: وحدثني أبي، قَالَ: حَدَّثَني الْهُذَيْلُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْقُرْآنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: تَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وَعَرِبِيَّةٌ تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ، وَحَلالٌ وَحَرَامٌ لا يَسَعُ النَّاسَ جَهْلُهُ، وَتَأْوِيلٌ لا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ- ﷿. قُلْتُ: وَمَا التَّأْوِيلُ؟ قَالَ:
مَا هُوَ كَائِنٌ. قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحدثنا أَبِي عن الْهُذَيْلِ عن مُقَاتِلٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي القرآن خاص وعام، خاص للمسلمين «٢» وخاص في المشركين وعام لجميع الناس ومتشابه ومحكم ومفسر ومبهم وإضمار وتمام وصلات فِي الكلام مَعَ ناسخ ومنسوخ وتقديم وتأخير وأشباه مَعَ وجوه كثيرة وجواب فِي سورة أخرى وأمثال ضربها اللَّه- ﷿ لنفسه وأمثال ضربها للكافر والصنم وأمثال ضربها للدنيا والبعث والآخرة وخبر الأولين وخبر ما في الْجَنَّةِ والنار وخاص لمشرك واحد وفرائض وأحكام وحدود وخبر ما في قلوب الْمُؤْمِنِين وخبر ما في قلوب الكافرين وخصومة مشركي العرب وتفسير وللتفسير تفسير. قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ:
حدثنا أَبِي عن الْهُذَيْلِ بن حبيب عن مُقَاتِلٍ قَالَ: من قرأ القرآن فلم يعلم تأويله فهو فِيهِ أمي. قَالَ: حدثنا عبيد اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْهُذَيْلِ عَنْ مقاتل عن عبد الكريم الجزوى قَالَ: ما أجد أعظم أجرا يوم الْقِيَامَة ممن علّم القرآن وعلّمه.
_________
(١) فى الأصل: الآيات.
(٢) هكذا فى الأصل.
1 / 27
وذَكَر مُقَاتِلٌ حساب الجمل فَقَالَ: يبدأ «١» بحروف أبى جاد [٣ أ] فألحقها بها ألف واحد ب اثنين ج ثلاثة د أربعة هـ خمسة وستة ز سبعة ح ثمانية ط تسعة ي عشرة ك عشرون ل ثلاثون م أربعون ن خمسون ص ستون ع سبعون ف ثمانون س تسعون ق مائة ر مائتين ش ثلثمائة ت أربعمائة باقى المعجم: ث خمسمائة خ ستمائة ذ سبعمائة ض ثمانمائة ظ تسعمائة غ ألف.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْهُذَيْلِ عَنْ مُقَاتِلٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- ﷺ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ- ﷿ فِي الْقُرْآنِ سُورَةً مِثْلَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلا نَزَلَ فِي كُتُبِ الأَنْبِيَاءِ مِثْلُهَا.
قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ- ﷺ أُعْطِيتُ بِالتَّوْرَاةِ السَّبْعُ الطِّوَالُ وَهُنَّ الْقُرْآنُ، وَأُعْطِيتُ بِالإِنْجِيلِ الْمَثَانِي وَهُنَّ هُدَى الْقُرْآنِ، وَأُعْطِيتُ بِالزَّبُورِ الْمِئِينَ «٢» وَهُنَّ رَيْحَانُ الْقُرْآنِ وفضلني بالمفصل «٣» .
قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثني الْهُذَيْلُ عن الْمُسَيِّب بن شريك عن أَبِي روق عن الضَّحَّاك فِي قول اللَّه- ﷾: الم، قَالَ: أَنَا اللَّه أَعْلَم.
قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، قَالَ: حدثنا الْهُذَيْلُ عن أَبِي جَعْفَر الرَّازيّ عن أَبِي العالية فِي قوله- سُبْحَانَهُ- الم. قَالَ: هَذِهِ من الثمانية وعشرين حرفا التي دارت الألسن كلها بها وليس منها حرف إِلَّا وَهُوَ مفتاح اسم من أسماء اللَّه- ﷿ وليس منها اسم إِلَّا وَهُوَ في الآية وبلا آية وليس منها حرف إِلَّا وَهُوَ فِي مدة قوم وآجالهم فالألف مفتاح اسم اللَّه- ﷻ. واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد.
_________
(١) فى الأصل: تبدأ.
(٢) المئين ساقطة من الأصل.
(٣) أ: المفضل.
1 / 28
الألف آلاؤه واللام لطفه والميم مجده. قَالَ: حدثنا عبيد الله، قال:
وحدثني أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهُذَيْلُ عَنْ أَبِي بَكْر الهذلي عن عِكْرمَة فِي قوله- ﷿: ذلِكَ الْكِتابُ يعني التوراة والإنجيل، قَالَ أَبُو روق: فِي قوله- سبحانه-: لا رَيْبَ فِيهِ لا شك فِيهِ وهُدىً لِلْمُتَّقِينَ قَالَ: كرامة لهم هداهم إليه. وأما قوله- سبحانه-: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يعني بالغيب لا إله إِلَّا اللَّه وبما جاء به محمد- ﷺ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ يعني الصَّلاة المكتوبة وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعنى المفروضة وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قَالَ روق: هَذِهِ للعرب «١» خاصة، قَالَ: وقَالَ أَبُو صَالِح، قَالَ الكلبي:
قَالَت: اليهود جُديّ وحُييّ ومن معهما نَحْنُ المتقون الَّذِين يؤمنون بالغيب آمنا بمحمد قبل أن يبعث. قَالَ الكلبي: هاتان الآيتان نزلتا فى اليهود.
_________
(١) أ: العرب.
1 / 29
سورة الفاتحة
1 / 31
سورة الفاتحة مكية وهي سبع آيات
[سورة الفاتحة (١): الآيات ١ الى ٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)
1 / 33
بسم الله الرحمن الرحيم قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ الله، قال: وحدثني أبى عن [٣ ب] الْهُذَيْلِ عن سُفْيَان عن مَنْصُور عن مُجَاهِد، قال: قَالَ «١»: فاتحة الكتاب مدنية.
قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله، قال: وحدثني أبي عن الهذيل عن مُقَاتِلٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ- ﷺ قَالَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ مَدَنِيَّةٌ «٢» .
سُورَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ كوفية وهي مدنية ويقال مكية «٣» .
_________
(١) هكذا بالأصل: (قال: قال) .
(٢) لم يرد عن الرسول- ﷺ أى قول فى مكية بعض السور أو مدنيتها وإنما يرجع ذلك لحفظ الصحابة والتابعين وتابعيهم.
جاء فى البرهان للزركشى ص ١٩١ (... غير أنه لم يكن من النبي- ﷺ في ذلك قول، ولا ورد عنه أنه قال: اعلموا أن قدر ما نزل بمكة كذا وبالمدينة كذا وفصله لهم. ولو كان ذلك منه لظهر وانتشر. وإنما لم يفعله لأنه لم يؤمر به ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة ...
وإذا كان كذلك ساغ أن يختلف فى بعض القرآن هل هو مكي أو مدني وأن يعملوا فى القول بذلك ضربا من الرأى والاجتهاد ...) نقلا عن القاضي أبى بكر فى الانتصار.
(٣) الأكثرون أنها مكية من أوائل ما نزل بمكة، وعند مجاهد أن الفاتحة مدنية. قال الحسين ابن الفضل لكل عالم هفوة وهذه بادرة من مجاهد لأنه تفرد بهذا القول والعلماء على خلافه. ومما يقطع به على أنها مكية قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وسورة الحجر مكية بلا خلاف، ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإتيانه الفاتحة وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله- ﷺ قام بمكة بضع عشرة سنة يصلى بلا فاتحة الكتاب، هذا مما لا تقبله العقول (انظر أسباب النزول للواحدي ص ١١) .
وقيل إنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة فتكرر نزولها لشرفها وأهميتها. وقد ورد فى فضلها أحاديث صحيحة فى البخاري ويكفى أن المسلم يقرؤها سبع عشرة مرة فى كل يوم وليلة- فى صلاة الفرائض- بخلاف النوافل. [.....]
1 / 35
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- ١- الْحَمْدُ لِلَّهِ يعني الشكر للَّه رَبِّ الْعالَمِينَ- ٢- يعني الجن والإنس مثل قوله: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- ٣- اسمان رقيقان أَحَدهمَا أرق من الآخر الرَّحْمنِ يعني المترحم، الرَّحِيمِ يعني المتعطف بالرحمة.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ- ٤- يعنى يوم الحساب كقوله- سبحانه- إِنَّا لَمَدِينُونَ «١» يعني لمحاسبون وذلك أن ملوك الدُّنْيَا يملكون فِي الدُّنْيَا فأخبر- سُبْحَانَهُ- أَنَّهُ لا يَمْلك يوم الْقِيَامَة أحد غيره فذلك قوله- تعالى-:
وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ «٢» .
إِيَّاكَ نَعْبُدُ يعني نوحد كقوله- سُبْحَانَهُ- فِي المفصل: عابِداتٍ «٣» يعني موحدات.
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ- ٥- عَلَى عبادتك اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ- ٦- يعني دين الإسلام لأن غير دين الإسلام لَيْسَ بمستقيم وَفِي قراءة ابْن مَسْعُود:
ارشدنا.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ يعني دلنا عَلَى طريق الَّذِين أنعمت عليهم يعني النبيين الَّذِين أنعم اللَّه عليهم بالنبوة كقوله- سُبْحَانَهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ «٤» .
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ يعني دلنا عَلَى دين غير اليهود الَّذِين غضب اللَّه عليهم «٥» فجعل «٦» منهم القردة والخنازير.
وَلَا الضَّالِّينَ- ٧- يَقُولُ وَلا دين المشركين يعني النصارى.
_________
(١) سورة الصافات: ٥٣.
(٢) سورة الانفطار: ١٩.
(٣) سورة التحريم الآية: ٥.
(٤) سورة مريم الآية: ٥٨.
(٥) أ: دنيا.
(٦) أ: فجعلت
1 / 36
قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْهُذَيْلِ عَنْ مُقَاتِلٍ عَنْ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رسول الله- ﷺ قال: يَقُولُ اللَّهُ- ﷿: قَسَّمْتُ هَذِهِ السُّورَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. يَقُولُ اللَّهُ- ﷿: شَكَرَنِي عَبْدِي. فَإِذَا قَالَ: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. يَقُولُ اللَّهُ: مَدَحَنِي عَبْدِي. فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. يَقُولُ اللَّهُ:
أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَلِعَبْدِي بَقِيَّةُ السُّورَةِ. وَإِذَا قَالَ: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. يَقُولُ اللَّهُ: فَهَذِهِ لِعَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ. يَقُولُ اللَّهُ: فَهَذِهِ لِعَبْدِي.
وَلَا الضَّالِّينَ. فَهَذِهِ لِعَبْدِي «١» .
قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قال: حدثنا الهذيل عن مقاتل قال: إذا قرأ [٤ أ] أحدكم هَذِهِ السورة فبلغ خاتمتها، فَقَالَ: وَلَا الضَّالِّينَ فليقل آمين فَإِن الملائكة تؤمن فَإِن وافق تأمين الناس غفر للقوم ما تقدم من ذنوبهم.
قَالَ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ حَدَّثَنِي هُذَيْل عن وَكِيع عن منصور عن مُجَاهِد، قَالَ: لما نزلت فاتحة الكتاب رنَّ إبليس «٢» .
قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ- ﵁ فِي قَوْلِهِ- ﷿: سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي قال: هي فاتحة الكتاب.
_________
(١) ورد هذا الحديث من عدة طرق فى الدر المنثور فى التفسير بالمأثور للسيوطي ص ٦.
(٢) رن إبليس: يعنى صاح صيحة حزينة، وانظر لسان العرب مادة رن.
1 / 37
سورة البقرة
1 / 39
(٢) سورة البقرة مدنية وهي ست وثمانون ومائتا آية
[سورة البقرة (٢): الآيات ١ الى ٢٨٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩)
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤)
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩)
يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشًا وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥) إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٣٤)
وَقُلْنا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩)
يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤)
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)
وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧) وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)
وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٦١) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُوًا قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩)
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤)
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)
وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤)
ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (٨٧) وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ (٨٨) وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩)
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١) وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٩٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩٣) قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤)
وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦) قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (٩٩)
أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٠) وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥) مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩)
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠) وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُودًا أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١١١) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢) وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤)
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥) وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩)
وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣) وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمامًا قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)
وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهًا واحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)
وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨) قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩)
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُودًا أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١) سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢) وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٤٣) قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩)
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (١٥٦) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧) إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩)
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢) وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧) يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (١٦٩)
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦) لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يَا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥) وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧) وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)
وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣) الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤)
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)
فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤)
وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩)
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠) سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢) كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)
يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)
فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠) وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣) وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥) لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨) الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)
فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢) وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)
وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥) لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧) حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْبانًا فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠) وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤)
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكًا نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكًا قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (٢٥٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)
اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥) لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠) مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٢٦٤)
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧) الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٦٩)
وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١) لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافًا وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)
وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا مَا دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢) وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِبًا فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَها لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْرًا كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦)
1 / 41
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم- ١- ذلِكَ الْكِتابُ وذلك أن كَعْب بن الأشرف، وكعب بن أُسَيْد لما دعاهما النَّبِيّ- ﷺ إلى الْإِسْلام قَالا: ما أنزل اللَّه كتابا من بعد مُوسَى تكذيبا به فأنزل اللَّه- ﷿ فِي قولهما: الم، ذلِكَ الْكِتابُ بمعنى هَذَا الكتاب الَّذِي كفرت به اليهود لا رَيْبَ فِيهِ يعني لا شك فيه أَنَّهُ من اللَّه جاء، وَهُوَ أنزله عَلَى محمد- ﷺ ثُمّ قَالَ:
هَذَا القرآن هُدىً من الضلالة لِلْمُتَّقِينَ- ٢- من الشرك. ثُمّ نعتهم فَقَالَ سُبْحَانَهُ-: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يعني يؤمنون بالقرآن أَنَّهُ من اللَّه- تَعَالَى- جاء وَهُوَ أنزله عَلَى محمد- ﷺ فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويعملون بما فِيهِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ المكتوبة الخمس يعني يقيمون ركوعها وسجودها فِي مواقيتها وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من الأموال يُنْفِقُونَ- ٣- يعني الزكاة المفروضة نظيرها فِي لقمان فهاتان الآيتان نزلتا فِي مؤمني أصحاب النَّبِيّ- ﷺ والمهاجرين «١» .
ثُمّ ذكر مؤمني أَهْل التوراة عَبْد اللَّه بن سلام وأصحابه منهم أُسَيْد بن زَيْد، وأسد بن كَعْب، وسلام بن قَيْس، وثعلبة بن عُمَر، وابن يامين «٢» واسمه سلام فَقَالَ:
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ يعني يصدقون بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يا محمد من القرآن أَنَّهُ من اللَّه
_________
(١) هكذا فى أ، ل. ولعل الأصل المهاجرين والأنصار.
(٢) ل: وابن يافين.
1 / 81
_________
(مقصود السورة إجمالا) مدح مؤمنى أهل الكتاب، وذم كفار مكة ومنافقي المدينة والرد على منكري النبوة، وقصة التخليق والتعليم وتلقين آدم وملامة علماء اليهود فى مواضع عدة وقصة موسى، واستسقائه ومواعدته ربه ومنته على بنى إسرائيل، وشكواه منهم، وحديث البقرة، وقصة سليمان، وهاروت وماروت والسحرة، والرد على النصارى، وابتلاء إبراهيم- ﵇، وبناء الكعبة، ووصية يعقوب لأولاده وتحويل القبلة، وبيان الصبر على المصيبة وثوابه، ووجوب السعى بين الصفا والمروة، وبيان حجة التوحيد، وطلب الحلال وإباحة الميتة حال الضرورة، وحكم القصاص والأمر بصيام رمضان، والأمر باجتناب الحرام والأمر بقتال الكفار والأمر بالحج والعمرة وتعديد النعم على بنى إسرائيل، وحكم القتال فى الأشهر الحرم.
والسؤال عن الخمر والميسر ومال الأيتام والحيض والطلاق والمناكحات وذكر العدة والمحافظة على الصلاة وذكر الصدقات والنفقات، وملك طالوت وقتل جالوت، ومناظرة الخليل ﵇ ونمروذ وإحياء الموتى بدعاء إبراهيم وإثبات إيمان الرسول والمؤمنين بربهم.
وعدد كلمات سورة البقرة: ستة آلاف كلمة ومائة وإحدى وعشرون كلمة (٦١٢١) .
1 / 82
نزل وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ «١» عَلَى الْأَنْبِيَاء يعني التوراة والإنجيل والزبور وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ- ٤- يعني يصدقون بالبعث الَّذِي فِيهِ جزاء الأعمال [٤ ب] بأنه كائن.
ثُمّ جمعهم جميعًا فَقَالَ- سُبْحَانَهُ-: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ- ٥-.
فَلَمَّا سَمِع أَبُو ياسر بن أخطب اليهودي بهؤلاء الآيات، قَالَ لأخيه جدي بن أخطب: لقَدْ سَمِعْتُ من محمد كلمات أنزلهن اللَّه عَلَى مُوسَى بن عِمْرَانَ. فَقَالَ جدي لأخيه: لا تعجل حَتَّى تتثبت «٢» فِي أمره. فعمد أبو ياسر وجدي ابنا أخطب، وكعب ابن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف، وحيي بن أخطب، وسعيد «٣» بن عمرو الشاعر، وأَبُو لبابة بن عمرو، ورؤساء اليهود، فأتوا النبي- ﷺ فقال جدي للنبي- ﷺ: يا أبا الْقَاسِم «٤»، أَخْبَرَنِي أَبُو ياسر بكلمات تقولهن آنفا، فقرأهن النَّبِيّ- ﷺ فَقَالَ جدي: صدقتم «٥» أما الم، ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فنحن هم وأما الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ فهو كتابك وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ فهو كتابنا وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فأنتم هُمْ قَدْ آمنتم بما أنزل إليكم وإلينا وآمنتم بالجنة والنار فآيتان فينا وآيتان فيكم. ثُمّ قَالُوا للنبي- ﷺ:
_________
(١) أ، ل: (ويصدقون بما أنزل من قبلك) مع تميز كلمات القرآن بالمداد الأحمر. وقد اضطررت إلى كتابة نص القرآن فقط.
(٢) فى ل: تثبت، وفى أ: تثبت. وفى حاشية أ: فى الأصل: تثبت.
(٣) فى ل: وشعبة. [.....]
(٤) أ: القسم.
(٥) هكذا فى أ، ل ولو كان الخطاب للنبي وحده لقال: صدقت. فصدقتم لتعظيم النبي أو يقصد المسلمين معه.
1 / 84
ننشدك بِاللَّه أنها نزلت عليك من السماء. فَقَالَ النَّبِيّ- ﷺ:
أشهد بِاللَّه أنها نزلت عليّ من السماء. فذلك قوله- سُبْحَانَهُ- فِي يُونُس وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي «١» يعني «٢» ويستخبرونك أحق هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي ويعني بلى وربي إنَّه لحق.
فَقَالَ جدي: لئن كُنْت صادقا فإنكم تملكون إحدى وسبعين سنة، ولقد بعث اللَّه- ﷿ فِي بني إِسْرَائِيل ألف نَبِيّ كلهم يخبرون عن أمتك وَلَم يخبرونا كم تملكون حَتَّى أخبرتنا أَنْت الآن. ثُمّ قَالَ جدي لليهود: كيف ندخل فِي دين رَجُل منتهى ملك أمته إحدى وسبعون سنة. فَقَالَ عُمَر بن الخَطَّاب- رضوان اللَّه عَلَيْه: وما يدريك أنها إحدى وسبعون سنة؟ فَقَالَ جدي: أما ألف فِي الحساب فواحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون سنة. فضحك رسول اللَّه- ﷺ. فَقَالَ جدي: هَلْ غَيْر هَذَا؟ فَقَالَ النَّبِيّ- ﷺ: نعم المص، كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ «٣» . فَقَالَ جدي: هَذِهِ أكبر من الأولى ولئن كنت صادقا فإنكم تملكون مائتي سنة واثنتين وثلاثين سنة. ثُمّ قَالَ «٤»: هَلْ غَيْر هَذَا؟ فَقَالَ النَّبِيّ- ﷺ: الر، كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ «٥» فَقَالَ جدي: هَذِهِ أكبر من الأولى والثانية وَقَدْ حكم وفصل ولئن كُنْت صادقا فإنكم تملكون [٥ أ] أربعمائة سنة وثلاثا وستين «٦» سنة، فاتق اللَّه وَلا تقولن إِلَّا حقا. فهل غَيْر هَذَا؟ فَقَالَ النَّبِيّ- ﷺ: المر، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ «٧» . فَقَالَ جدي: لئن كُنْت صادقا فإنكم تملكون سبعمائة سنة وأربعا «٨» وثلاثين سنة.
ثُمّ إن جدي قال: الآن لا نؤمن بما
_________
(١) يونس: ٥٣.
(٢) فى أ، ل زيادة: «بلى وربى إنه لحق» .
(٣) الأعراف: ١، ٢.
(٤) أ: فقال.
(٥) سورة هود: ١.
(٦) أ: وستون.
(٧) الرعد: ١.
(٨) أ: وأربع.
1 / 85
تَقُولُ ولقد خلطت علينا فَمَا ندري بأي قولك نأخذ، وأيما أنزل عليك نتبع، ولقد لبست علينا حَتَّى شككنا فِي قولك الأول، ولولا ذَلِكَ لاتبعناك. قَالَ أَبُو ياسر:
أما أَنَا فأشهد أن ما أنزل عَلَى أنبيائنا حق وأنهم قَدْ بينوا لنا ملك هَذِهِ الأمة، فَإِن كان محمد صادقا فيما يَقُولُ ليجمعن لَهُ هَذِهِ السنون كلها ثُمّ نهضوا من عنده.
فَقَالَوا: كفرنا بقليله وكثيره. فَقَالَ جدي لعبد اللَّه بن سلام وأصحابه: أما تعرفون الباطل فيما خلط عليكم. فقالوا: بلى، نعرف الحق فيما يَقُولُ «١» فأنزل اللَّه- ﷿ فِي كفار اليهود بالقرآن الم، اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ:
الَّذِي لا يموت الْقَيُّومُ: يعني القائم على كل شيء نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ يا محمد بِالْحَقِّ لَمْ ينزل باطلا مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ: يَقُولُ- سُبْحَانَهُ قرآن محمد يصدق الكتب التي كَانَتْ قبله وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ «٢» هُدىً لِلنَّاسِ يعني لبني إسرائيل من الضلالة. ثُمّ قَالَ- ﷿: وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ يعني قرآن محمد بعد التوراة والإنجيل يعني بالفرقان المخرج من الشبهات والضلالة. نظيرها فِي الْأَنْبِيَاء وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ «٣» يعني المخرج.
وَفِي البقرة: وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ «٤» . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ اليهود، كفروا بالقرآن يعني هَؤُلاءِ النفر الْمُسْلِمِين وأصحابهم لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ فِي ملكه وسلطانه ذُو انْتِقامٍ «٥» من أَهْل معصيته.
وأنزلت أيضا فِي اليهود فِي هَؤُلاءِ النفر وما يحسبون من المتشابه هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ.
_________
(١) هذا الأثر أخرجه ابن إسحاق والبخاري فى تاريخه وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس.
وانظر السيوطي فى الدر المنثور ١: ٢٣.
(٢) أ: هما.
(٣) سورة الأنبياء: ٤٨ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ.
(٤) سورة البقرة: ١٨٥، وفى أ: بينات. [.....]
(٥) سورة آل عمران: ١- ٤.
1 / 86
فأما المحكمات فالآيات الثلاث اللاتي فِي الأنعام: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ.... إلى قوله سبحانه: ... لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «١» فهن محكمات وَلَم ينسخهن شيء من الكتاب، وإنما سمين أم الكتاب لأن تحريم هَؤُلاءِ الآيات فِي كُلّ كتاب أنزله اللَّه- ﷿.
وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ يعني الم، المص، الر، المر «٢»، شبهوا عَلَى هَؤُلاءِ النفر من اليهود كم تملك هَذِهِ الأمة من السنين فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ يعني ميل عن الهدى وهُمْ هَؤُلاءِ اليهود فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ يعني الكفر وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ: يعني منتهى كم يملكون.
يَقُولُ اللَّه- ﷿: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [٥ ب]: يعني كم تملك هَذِهِ الأمة من السنين «٣» وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يعني عَبْد اللَّه بن سلام وأصحابه، يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ: يعني بالقرآن كله. - كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ: يعني من كان لَهُ لب أَوْ عقل.
ثُمّ قَالَ ابْن سلام وأصحابه رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا كَمَا أزغت قلوب اليهود بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا إلى الإسْلام وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ «٤» .
_________
(١) آيات: ١٥١، ١٥٢، ١٥٣ من سورة الأنعام وهي: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
(٢) آلم: أول البقرة، وآل عمران. المص: أول الأعراف. الر: أول يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر. والمر: أول الرعد.
(٣) فى أ: وما يعلم تأويل: كم يملكون إلا الله: يعنى هذه الأمة من السنين.
(٤) سورة آل عمران: ٧- ٨.
1 / 87
فآيتان من أول هذه السورة نزلتا فِي أصحاب النَّبِيّ- ﷺ المهاجرين (والأنصار «١» .
والآيتان اللتان تليانهما نزلتا فى مشركي العرب.
وثلاث عشرة آية «٢» فِي المنافقين من أَهْل التوراة.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ- ٦- يعني لا يصدقون.
خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ يعني طبع اللَّه عَلَى قلوبهم فهم لا يعقلون الهدى وَعَلى سَمْعِهِمْ يعني آذانهم فلا يسمعون الهدى. وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ يعني غطاء فلا يبصرون الهدى. وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ- ٧- يعني وافر لا انقطاع لَهُ. نزلت هاتان الآيتان فِي مشركي العرب منهم شَيْبَة وعتبة ابنا ربيعة، والوليد ابن المُغِيرَة، وأَبُو جهل بن هِشَام- اسمه عمرو-، وعبد اللَّه بن أَبِي أمية، وأمية بن خلف، وعَمْرو بن وَهْب، والعاص بن وائل، والحارث بن عمرو «٣»، والنضر بن الْحَارِث، وعدي بن مطعم بن عَدِيّ، وعامر بن خَالِد، أبو البختري
_________
(١) روى السيوطي بإسناده عن مجاهد قال: «من أول البقرة أربع آيات فى نعت المؤمنين، وآيتان فى نعت الكافرين، وثلاث عشرة آية فى نعت المنافقين ومن أربعين إلى عشرين ومائة فى بنى إسرائيل» الدر المنثور ١: ٢٣.
وأخرج وكيع عن مجاهد قال: هؤلاء الآيات الأربع فى أول سورة البقرة إلى المفلحون نزلت فى نعت المؤمنين، واثنتان من بعدها إلى عظيم نزلت فى نعت الكافرين، وإلى العشرين نزلت فى المنافقين.
المرجع السابق ١: ٢٣، ومع ذلك ففي نسخة أ، ل: آيتان فى أصحاب النبي (ص) المهاجرين.
والمقصود بالآيتين آيتي ٤، ٥ (فى المؤمنين)، آيتي ٦، ٧ فى المشركين، آية ٨- ٢٠ فى المنافقين.
(٢) فى أ: ثلاثة عشر آية.
(٣) فى أ: عمر. وفى ل: عمرو.
1 / 88
ابن هشام، ثُمّ رجع إلى المنافقين فَقَالَ- ﷿: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ- يعني صدقنا بِاللَّه بأنه واحد لا شريك لَهُ وصدقنا بالبعث الَّذِي فِيهِ جزاء الأعمال بأنه كائن فكذبهم اللَّه- ﷿ فَقَالَ: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ- ٨- يعني بمصدقين بالتوحيد وَلا بالبعث الَّذِي فِيه جزاء الأعمال يُخادِعُونَ اللَّهَ حين أظهروا الْإِيمَان بمحمد، وأسروا التكذيب وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ- ٩- نزلت فِي منافقي أَهْل الكتاب اليهود منهم عبد الله بن أبى بن سلول، وجد بن قيس، والحارث ابن عمرو، ومغيث بن قشير، وعَمْرو بن زَيْد، فخدعهم اللَّه فِي الآخرة حين يَقُولُ فِي سورة الحديد: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا «١» . فَقَالَ لهم استهزاء بِهِمْ «٢» كَمَا استهزءوا فِي الدُّنْيَا بالمؤمنين حين قَالُوا: آمنا وليسوا بمؤمنين، وذلك قوله- ﷿: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
«٣»: أيضا عَلَى الصراط حين يُقَالُ لهم ارْجِعُوا وراءكم فالتمسوا نورا.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعنى الشك بالله وبمحمد نظيرها فى سورة محمد أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ «٤» يعنى الشك [٦ أ] .
فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا يعني شكا فِي قلوبهم وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني وجيع فِي الآخرة بِما كانُوا يَكْذِبُونَ- ١٠- لقولهم آمنا بالله وباليوم الآخر وذلك أن عَبْد اللَّه بن أُبَيٍّ المنافق قَالَ لأصحابه: انظروا إليّ وإلى ما أصنع فتعلموا مني وانظروا دفعي فِي هَؤُلاءِ القوم كيف أدفعهم عن نفسي وعنكم. فَقَالَ أصحابه:
أَنْت سيدنا ومعلمنا، ولولا أَنْت لَمْ نستطع أن نجتمع مَعَ هَؤُلاءِ. فَقَالَ عَبْد اللَّه
_________
(١) سورة الحديد: ١٣.
(٢) «بهم»: ساقطة من ل وأ.
(٣) سورة النساء: ١٤٢.
(٤) سورة محمد: ٢٩.
1 / 89