الحكم فيها إلا على تصورهما فقط فيكون من الأوليات
والقسم الثاني يقتضي أن يكون المؤلف قضية مكتسبة من جملة القضايا التي تشتمل العلوم البرهانية على أمثالها وذلك لأن محمولات المطالب العلمية لا تكون مقومات لموضوعاتها بل تكون أعراضا ذاتية لها كما ذكر في صناعة البرهان
فقوله وأمثال هذه إن كان لزومها بغير وسط إشارة إلى القسم الأول
وقوله كانت معلومة أي معلومة من غير اكتساب واجبة اللزوم وذلك لوجود السبب الموجب للزوم فكانت وفي نسخة وكانت ممتنعة الرفع في الوهم مع كونها غير مقومة وذلك مناقض لما ذهب إليه القوم المذكورون من المنطقيين وهو مطلوب الشيخ
واعلم أن الحكم بكون المحمول اللازم بغير وسط بينا للموضوع لا يحتاج إلى البرهان الطويل الذي أقامه الشارح على ذلك وإلى حل تلك الشكوك التي أوردها عليه وأحال بعضها إلى سائر كتبه
وذلك لأن اللزوم لما كان مفسرا بعدم الانفكاك كان كل ما يلزم شيئا بغير توسط شيء آخر فالشيء لا ينفك عنه سواء يلزمه في العقل أو في الخارج
ولا معنى للزوم العقلي إلا أن تعقل الملزوم لا ينفك في العقل عن تعقل لازمه وذلك هو المراد من كونه بينا له
وأما اللازم بتوسط شيء آخر فإنه لا ينفك عند حضور المتوسط وقد ينفك مع غيبته فلا يكون عند الانفكاك بينا
وما قيل على ذلك من أنه يقتضي أن يكون الذهن منتقلا عن كل ملزوم إلى لازمه ثم إلى لازم لازمه بالغا ما بلغ حتى تتحصل اللوازم بأسرها بل جميع العلوم المكتسبة دفعة في الذهن فليس بوارد
وذلك لأن اللوازم المترتبة التي يتلازم جميعها بحسب ماهياتها لا بالقياس إلى غيرها فقد يمكن أن يستمر الاندفاع فيها ما لم يطرأ على الذهن ما يوجب إعراضه عن تلك المتلازمات والتفاته إلى غيرها ولكنها قلما تكون في الوجود فضلا عن أن تكون غير محصورة
Sayfa 161