Tafsir Ibn Kathir

İbn Kesir d. 774 AH
79

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير - ت السلامة

Araştırmacı

سامي بن محمد السلامة

Yayıncı

دار طيبة للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثانية ١٤٢٠ هـ

Yayın Yılı

١٩٩٩ م

Türler

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵄ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ. فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي مَحَلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا، الْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الْأَحْزَابِ: ٢٣]، فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ (١) . وَهَذَا -أَيْضًا-مِنْ أَكْبَرِ مَنَاقِبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، ﵁، فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ سَبَقَاهُ إِلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَذْهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِئَلَّا يَخْتَلِفُوا فِي الْقُرْآنِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (٢) بْنِ مَسْعُودٍ شَيْءٌ مِنَ التَّغَضُّبِ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ كَتَبَ الْمَصَاحِفَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِغَلِّ مصاحفهم لما أمر عثمان بحرقه ماعدا الْمُصْحَفَ الْإِمَامَ، ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى الْوِفَاقِ حَتَّى قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ﵁: لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُثْمَانُ لَفَعَلْتُهُ أَنَا. فَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ (٣) أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، ﵃، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الدِّينِ، وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي " (٤) . وَكَانَ السَّبَبُ فِي هَذَا حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، ﵁ لَمَّا (٥) كَانَ غَازِيًا فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَكَانَ قَدِ اجْتَمَعَ هُنَاكَ أَهْلُ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَجَعَلَ حُذَيْفَةُ يَسْمَعُ مِنْهُمْ قِرَاءَاتٍ عَلَى حُرُوفٍ شَتَّى، وَرَأَى مِنْهُمُ اخْتِلَافًا وَافْتِرَاقًا، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى عُثْمَانَ أَعْلَمَهُ وَقَالَ لِعُثْمَانَ: أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مُخْتَلِفُونَ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْكُتُبِ، فَالْيَهُودُ بِأَيْدِيهِمْ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَالسَّامِرَةُ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ وَمَعَانٍ أَيْضًا، وَلَيْسَ فِي تَوْرَاةِ السَّامِرَةِ حَرْفُ الْهَمْزَةِ وَلَا حَرْفُ الْيَاءِ، وَالنَّصَارَى -أَيْضًا-بِأَيْدِيهِمْ تَوْرَاةٌ يُسَمُّونَهَا الْعَتِيقَةَ وهي مخالفة لنسختي اليهود والسامرة، وأما

(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٨٧، ٤٩٨٨) . (٢) في ط، جـ: "عبد الرحمن". (٣) في ط، جـ: "الأربعة". (٤) رواه أحمد في المسند (٤/ ١٢٦) وأبو داود في السنن برقم (٠٧ ٤٦) والترمذي في السنن برقم (٢٦٧٦) وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". (٥) في ط، جـ: "فإنه".

1 / 28