Tafsīr Ibn Kathīr
تفسير ابن كثير
Araştırmacı
سامي بن محمد السلامة
Yayıncı
دار طيبة للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1420 AH
Türler
Tefsir
عَلَيْهِمْ ووَلَّى جَيْشُ الْكُفَّارِ (١) فَارًّا، وَأَتْبَعَتْهُمُ السُّيُوفُ الْمُسْلِمَةُ فِي [أَقْنِيَتِهِمْ] (٢) قَتْلًا وَأَسْرًا، وَقَتَلَ اللَّهُ مُسَيْلِمَةَ، وَفَرَّقَ شَمْلَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ قُتِلَ مِنَ الْقُرَّاءِ يَوْمَئِذٍ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ، ﵃، فَلِهَذَا أَشَارَ عُمَرُ عَلَى الصِّديق بِأَنْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ؛ لِئَلَّا يَذْهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ مَوْتِ مَنْ يَكُونُ يَحْفَظُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنِ الْقِتَالِ، فَإِذَا كُتِبَ وَحُفِظَ صَارَ ذَلِكَ مَحْفُوظًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَيَاةِ مَنْ بَلَّغَهُ أَوْ مَوْتِهِ، فَرَاجَعَهُ الصِّدِّيقُ قَلِيلًا لِيَثْبُتَ فِي الْأَمْرِ، ثُمَّ وَافَقَهُ، وَكَذَلِكَ رَاجَعَهُمَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ صَارَا (٣) إِلَى مَا رَأَيَاهُ، ﵃ أَجْمَعِينَ، وَهَذَا الْمَقَامُ مِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلاد، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقِيلَ: كَانَتْ مَعَ فُلَانٍ فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، فَأَمَرَ بِالْقُرْآنِ فَجُمِعَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَهُ فِي الْمُصْحَفِ (٤) .
هَذَا مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، وَمَعْنَاهُ: أَشَارَ بِجَمْعِهِ فَجُمِعَ؛ وَلِهَذَا كَانَ مُهَيْمِنًا عَلَى حِفْظِهِ وَجَمْعِهِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ (٥) حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ الليثي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَمَعَ الْقُرْآنَ كَانَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ (٦) .
وَذَلِكَ عَنْ أَمْرِ الصِّدِّيقِ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ يَوْمَئِذٍ فَرِقَ أَبُو بَكْرٍ، ﵁، أَنْ يَضِيعَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فَمَنْ جَاءَكُمَا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَاكْتُبَاهُ (٧) . مُنْقَطِعٌ حَسَنٌ.
وَلِهَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ [التَّوْبَةِ: ١٢٨، ١٢٩]، مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةٍ: مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْنِ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ غَيْرِهِ فَكَتَبُوهَا عَنْهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْنِ فِي قِصَّةِ الْفَرَسِ الَّتِي ابْتَاعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ، فَأَنْكَرَ الْأَعْرَابِيُّ الْبَيْعَ، فَشَهِدَ خُزَيْمَةُ هَذَا بِتَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمْضَى شَهَادَتَهُ وَقَبَضَ الْفَرَسَ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ (٨) وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَمْلَاهَا عَلَيْهِمْ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ (٩) .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو (١٠) بن طلحة الليثي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يحيى
(١) في جـ: "الكفر".
(٢) في ط: "أخفيتهم".
(٣) في ط: "صاروا".
(٤) المصاحف (ص ١٦) .
(٥) في جـ: "الظاهر".
(٦) المصاحف (ص ١٧) .
(٧) المصاحف (ص ١٢) .
(٨) سنن أبي داود برقم (٣٦٠٧) وسنن النسائي (٧/ ٣٠٢) .
(٩) رواه أحمد في المسند (٥/ ١٣٤) من طريق عمر بن شقيق عن أبي جعفر به.
(١٠) في ط: "عمر".
1 / 26