Tafsir al-Uthaymin: Ghafir
تفسير العثيمين: غافر
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٧ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
مَن يُجادِل فيه، وَيقول: ليس هذا من باب تَخويف العِباد، وأيُّ رابِطة بين هذا وبَيْن التخويف، وسبَبه طبيعيٌّ مَعلوم يُدرَك بالحِساب؟ ! فيُجادِل في شَرْع الله، وفي آيات الله، فتقول مثَلًا: لماذا كان كذا، وكان في مَوْضِع آخَرَ كذا وكذا؟ كقِصَّة المَعرِّيِّ الذي جادَل في كون اليَدِ تُقطَع في ربُع دِينار ودِيَتُها خَمسُ مِئة دِينار (^١)، وكقول بعضِهم: لماذا يَنتَقِض الوُضوء بالريح من أسفَلُ، ولا يَنتَقِض بالرِّيح من أَعْلى؟ والريح من أَعْلى هو: الجُشاء، وما أَشبَه ذلك من المُجادلات في الآياتِ الشرعية! .
ومِنهم مَن يُجادِل في القُرآن، يَقول: القُرآن فيه تَناقُض! قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]، وقال في آية أُخرى: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢]، هذا تَناقُض! فيُجادِل.
فالمُهِمُّ: أن الجدَل يَكون في الآياتِ الشرعية الثابِتة في القُرآن والسُّنَّة، ويَكون أيضًا في الآيات الكونية، فيَنبَغي أن نُفسِّر الآياتِ بما هو أعَمُّ مِمَّا ذكَر المفَسِّر، فنَقول: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ الكَوْنية أو الشَّرْعية ﴿إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وأمَّا المُؤمِنون فلا يُجادِلون، المُؤمِنون يَقولون: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧]، ولا يُجادِلون، عرَفْنا ذلك من كَوْنه حَصَر المُجادَلة في الذين كفَروا.
قال ﵀: [﴿إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من أهل مَكَّةَ] وهذا تَخْصيص آخَرُ، فالله ﷿ يَقول: ﴿إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ والمفَسِّر يَقول: من أهل مكَّةَ، سُبحانَ الله! القُرآن يُعَمِّم، ونحن نَخُصُّ، فهذا خطَأ وقُصور في التَّفْسير، فنَقول: ﴿فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ أعَمُّ من القُرآن، ﴿إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أعمُّ من أهل مكَّةَ، فالذي يُجادِل في آيات الله: الذين كفَروا من أهل مكَّةَ ومن غير أَهْل مكَّةَ، من أهل المَدينة، من أَهْل الطائِف، من أهل جُدَّةَ،
(^١) انظر: شرح اللزوميات لأبي العلاء المعري (٢/ ٢٠٣)، والذخيرة للقرافي (١٢/ ١٨٥).
1 / 67