Tafsir al-Uthaymin: Ghafir
تفسير العثيمين: غافر
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٧ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
وقد سبَقَ الاستِشْهاد على هذه المعانِي الثلاثة وبيان اشتِقاقها؛ فيَكون قولُ المفَسِّر ﵀: [﴿الْعَزِيزِ﴾ في مُلْكه، فيه قُصور؛ لأَنَّه جعَله بمَعنى الغالِب فقَطْ، والصواب ما ذكَرْنا لكم.
وقوله تعالى: ﴿الْعَلِيمِ﴾ قال ﵀: [بخَلْقه] والعليم أي: ذو العِلْم، وعِلْم الله ﷾ ليس بمَحدود لا أوَّلًا، ولا آخِرًا، ولا مِقدارًا، فعِلْم الله تعالى واسِعٌ شامِلٌ لكل شيءٍ، عِلْم الله تعالى أزَليٌّ؛ أي: لم يَسبِقْه جَهْل، عِلْم الله تعالى أبدَي؛ أي: لا يَلحَقه نِسْيان، فصار عِلْم الله تعالى واسِعًا شامِلًا زمَنًا وكيفًا، زمَنًا أي: في المُستَقبَل وفي الماضي، وكيفًا أي: أنَّه شامِل لكُلِّ ما من شأنه أن يُعلَم.
قَالَ اللهُ ﷿: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر: ٣].
قال المفَسِّر ﵀: [﴿غَافِرِ الذَّنْبِ﴾ للمُؤمِنين ﴿وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ لهم ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ للكافِرين]، قوله: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ﴾ الغَفْر هو السَّتْر مع الوِقاية، ومنه المِغفَر: ما يُوضَع على الرأس عند الحَرْب؛ لاتِّقاء السِّهام، ومعلومٌ أنَّ المِغفَر ساتِر، فهو جامِع بين السَّتْر والوِقاية، والذَّنْب: المعصية، يُقال: أَذنَب الرجُل. إذا عصى، ومَعنَى غافِر الذَّنْب؛ أي: ساتِره المُتجاوِز عنه.
وقول المفَسِّر: [للمُؤمِنين] فيه نظَر واضِح؛ لأنَّ مَغفِرة الذَّنْب شامِل للمُؤمِنين وغير المُؤمِنين، قال الله ﵎: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨]، فهو غافِر الذَّنْب لكلِّ مَن تاب إلى الله وسأَل المَغفِرة.
وقوله: ﴿وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ قابِلُه: مَعناها: أن مَن تاب إلى الله قَبِلَ الله تَوبَتَه، و﴿التَّوْبِ﴾ بمعنى: الرُّجوع إلى الله ﷿ من مَعصيته إلى طاعته.
1 / 42