Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٧ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
أخلَصَ الإنسانُ فِيه؛ لِقوْلِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ -: "مَن عمِلَ عمَلًا ليْس علَيه أمرُنا فهُو ردٌّ" (^١).
إذنْ: الأعمالُ الصَّالحاتُ لا بُدَّ أنْ تتَضمَّن شيئين، وهُما: الإخْلاصُ للهِ، والمُتابَعةُ لرَسولِ الله -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ -.
وقولُه تعالى: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ هذِه الجُملَةُ خبَرُ إنَّ؛ وقدْ نقولُ: إنَّ تقدِيمَ الجارِّ يدُلُّ على الحَصْرِ؛ أيْ: لهُم لا لِغيرهم مِن المُكذِّبين أو الفاسقين أجْرٌ؛ أي: ثوابٌ. ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [غيرَ مَقطُوعٍ] بلْ هُو دائِمٌ كَما قال تَعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢] وقِيلَ: ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ غير مَمنُونٍ بِه؛ أي: يُعطُونه بلا مِنَّةٍ، وهَذا محُتَملٌ.
وإذا كان محُتَملًا ولا يُنافي المَعنَى الأوَّلَ كان المُرادُ بالآيَةِ المَعنَيَيْن جمِيعًا؛ إذْ لديْنا قاعِدةٌ في التَّفسيرِ -وكذَلِك في الحدِيثِ- مُهِمَّةٌ، وهِي إذا كان النَّصُّ يحتَمِلُ معنيَين لا يُنافي أحدُهُما الآخَرُ فإنَّ النَّصَّ يُحمَلُ عليهِما جميعًا؛ وذلِك لأنَّ اللهَ ﷾ يَعْلَم ما يَحتَمِلُه كلامُه، وكذَلِك الرَّسولُ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - فَلَمَّا لم يُعيَّن أحدُ الاحتِمالَين وجَبَ أنْ يكُونَ شامِلًا لهُما، لكِن إذا كان أحدُهما أرجَحَ منَ الآخَرَ فإنَّه يتْبَعُ الأرْجَحَ؛ ولهِذا نقُولُ: يُقدَّمُ ظاهِرُ النَّصِّ على تأويلِ النَّصِّ، والتَّأويلُ هو اتِّباعُ المَعنَى المَرجُوحِ.
إذنْ: قَولُه تَعالى: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾؛ أي: ثَوابٌ غيرُ مقْطُوع، وثوابٌ غيرُ ممْنُونٍ به.
(^١) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، رقم (١٧١٨)، من حديث عائشة ﵂.
1 / 52