196

Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

تفسير العثيمين: فصلت

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٧ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

هذا إِشارَةٌ إلى أنَّ اللهَ هو المُستَحِقُّ لأن يُسجَدَ له؛ لأنَّه هو الخالِقُ، وأمَّا هذه فهي مَخلوقَةٌ لا تَستَحِقُّ أن يُسجَدَ لها.
وقَولُه تَعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ أي: إن كُنتم ذَوِي عِبادَةٍ للهِ حقًّا فاسجُدوا للهِ ولا تَسجُدوا للشَّمسِ ولا للقَمرِ.
وقَولُه: ﴿إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ العِبادَةُ بمَعنى: الذُّلِّ، ومنه قَولهُم طَريقٌ مُعَبَّدٌ؛ أي: مُذَلَّلٌ لمَن سَلَكَه ليس فيه وُعورَةٌ لا طُلوعَ ولا نُزولَ ولا التِفافَ يَمينًا ولا شِمالًا، فالطَّريقُ المُعَبَّدُ يَعني: المُذَلَّلَ. إذن فَالتَّعبُّدُ للهِ هو التَّذَلُّلُ له مَحبَّةً وتَعظيمًا. واعلَمْ أنَّ العِبادَةَ تُطلَقُ على مَعنيينِ:
المَعنى الأَوَّلِ: التَّعبُّدُ للهِ الَّذي هو فِعلُ العابِدِ.
والمَعنى الثَّاني: المُتَعَبَّدُ به الَّذي هي العِباداتُ، ولهذا قال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ ﵀: "إنَّ العِبادَةَ اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما يُحِبُّه اللهُ ويَرضاه" (^١) بناءً على أنَّ المُرادَ بها المُتَعَبَّدُ به.
قَولُه تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ قَدَّمَ المَفعولَ به لإِفادَةِ الحَصْرِ؛ لأنَّ مِن القَواعدِ المُقَرَّرةِ في عِلمِ البَلاغَةِ وغَيرِها أنَّ تَقديمَ ما حَقُّه التَّأخيرُ يُفيدُ الحَصْرَ، فإذا قُلتَ مَثلًا: إيَّاك أَكرَمْتُ، المَعنى لم أُكْرِمْ غَيرَك، وقَولُ القائِلِ في سورَةِ الفاتِحَةِ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ يَعني: لم نَعبُدْ غَيرَك ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] يَعني: لا نَستَعينُ غَيرَك.
ثُمَّ قال تَعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا﴾ يَعني: عن عِبادَةِ اللهِ والسُّجودِ له فإنَّ اللهَ تَعالى غَنيٌّ عنهم.

(^١) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٤٩).

1 / 200