Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٧ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
فإِنْ قال قائلٌ: قولُنا نَستفيدُ نُزولَ المَلائكَةِ في الآخِرَةِ عندَ المَوتِ مِن قَصْر الآيةِ، هل يَصدُرُ هذا عن قولِ اللهِ ﷿: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: ١٢٤]، يعني أنَّ أكثرَ المُفسِّرينَ على أنَّها في القَبرِ في الآخِرَةِ وهُنا الآيَةُ عامَّةٌ؟
فالجَوابُ: وهو كذلك الآيَةُ عامَّةٌ، ويدُلُّ لعُمومِها قولُه تَعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: ٩٧]، فإنَّ مَفهومَها أنَّ مَن لم يَتَّصِفْ بذلك فَليسَ لَه حَياةٌ طَيِّبةٌ.
فإن قيل: فما الَّذي حَمَلَهم - على كَثرَتِهم - على هذا؟
فالجَوابُ: لعلَّهم فَهِموا أنَّ السِّياقَ يدُلُّ على هذا، فهُنا مثلًا: ﴿أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ البِشارَةُ بالجنَّةِ حَقيقَةً إنَّما تَكونُ عندَ المَوتِ، فلعلَّه السِّياقُ ظَنُّوا أنَّه يَقتَضي التَّخصيصَ.
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [﴿أَ﴾ بأنْ لا ﴿تَخَافُوا﴾ مِن المَوتِ وما بَعدَهُ ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ على ما خَلَّفتم من أهلٍ وولدٍ، فنحن نَخلُفُكم فيهم].
نحن نَقولُ: ألَّا تَخافوا مِن مُستَقْبَلِكم ولا تَحزنوا على ماضيكم؛ لأنَّ الإنسانَ عندَ الخوفِ إمَّا أن يَخافَ من المُستقبَلِ أو يَحزنَ على ما مَضى فيَقولُ: لو أنِّي فَعلتُ كذا لكان كذا، لم يَحدُثْ لي الخَوفُ مثلًا، فالمَلائِكةُ تَتَنزَّلُ عليهم فتَقولُ: لا تَخافوا مِنَ المُستقبَلِ ولا تَحزَنوا مِنَ الماضي، وقَدَّمَ الخَوفَ مِنَ المُستقبَلِ؛ لأنَّه أَهمُّ مِن الحُزنِ على ما مضى؛ لأنَّ مُستقبَلَ الإنسانِ هو الَّذي يَجعَلُه يَسيرُ أو يَتوقَّفُ؛ فلهذا بَدَأَ به قَبْلَ ذِكرِ الحُزنِ.
وإذا جعلناها مَثلًا ممَّا يَدعو إلى التَّنزُّلِ حالَ المَوتِ، فالإنسانُ عندَ المَوتِ حالُه
1 / 168