120

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

وهاتان الآيتان تَدُلَّان عَلَى أَنَّ المهر للزوجة، وَهِيَ الَّتِي تملك التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْعَفْوِ والإعطاء، وليس للأب حَقٌّ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ أَيْضًا؛ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ، أو حِبَاءٍ قَبْلَ الْعَقْدِ فهو للزوجة، وَمَا كَانَ بَعْدَهُ فأحَقُّ ما يُكرَم عَلَيْهِ المَرْءُ ابْنَتُه وَأُخْتُه، فالمهر الَّذِي قَبْلَ الْعَقْدِ كُلُّه يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلزَّوْجَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ المَهْرَ للزوجة، لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ بُضْعِها فَيَكُونُ لَهَا، وليس لِلْأَبِ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْهُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ. والأب لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا لَا يحتاجه، ولا يَضُرُّه؛ لِقَوْلِ النَّبيِّ ﷺ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" (^١). فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْهُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ فَلَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُجِيزُهُ، وَهُوَ أَيْضًا سببٌ للفساد، وملاحظة الأب للمَهر فيُزَوِّج مَن يَشْتَرِطُ لَهُ أَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفئًا، وَيَمْنَعُ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ له، وَإِنْ كَانَ كُفئًا. فالمصلحة والشَّرع كلاهما يقتضيان أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَشْتَرِطَ لنفسه شَيْئًا مِنَ المَهْرِ، وَالْأُمُّ وَالْأَخُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وقد يوجد خِلَافِ هَذَا من بعض الناس، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، فالواجب أَنْ يَكُونَ المَهْرُ كُلُّهُ للزوجة. واستدل بِهَذِهِ الآيَةِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ المَهْرُ منفعةً تَسْتَحِلُّها الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا، يعني: أَنْ يُعْمَلَ لها بناء؛ بأن يَبْنِيَ لها بيتًا، ويأتيَ لها بشيء فائض، والاستدلال واضح؛ لأن رعي الغنم منفعة، إِذْ لَوْ لَمْ يَرْعَها موسى لَقَام بذلك هاتان البنتان، فَهُوَ فِي الحْقِيقَةِ منفعة لها، ثُمَّ إِنَّ شرعنا وَرَدَ بوفاقه، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ

(^١) أخرجه أبو داود: كتاب الإجارة، باب الرجل يأكل من مال ولده، رقم (٣٥٣٠)، وابن ماجه: كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، رقم (٢٢٩٢).

1 / 124