Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
Yayıncı
دار الثريا للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Yayın Yeri
الرياض
Türler
يعمل عملًا يغضب الله، لكن مع ذلك ينتهي إلى الله ﷿ إذًا قوله: ﴿يا أيها الإنسان﴾ يعم كل إنسان مؤمن وكافر ﴿إنك كادح إلى ربك كدحًا فملاقيه﴾ الفاء يقول النحويون: إنها تدل على الترتيب والتعقيب، يعني، فأنت ملاقيه عن قرب ﴿إن ما توعدون لآت﴾ [الأنعام: ١٣٤] . وكل آت قريب ﴿وما يدريك لعل الساعة قريب﴾ [الشورى: ١٧] . وإذا شئت أن يتبين لك أن ملاقاة الرب ﷿ قريبة فانظر ما مضى من عمرك الان، لو مضى لك مئة سنة كأنما هذه السنوات ساعة واحدة. كل الذي مضى من أعمارنا كأنه ساعة واحدة.
إذًا هو قريب، ثم إذا مات الإنسان، فالبرزخ الذي بين الحياة الدنيا والآخرة قريب قريب كاللحظة، والإنسان إذا نام نومًا هادئًا ولنقل نام أربعًا وعشرين ساعة، وقام فإنه يقدر النوم بدقيقة واحدة مع أنه نام أربعًا وعشرين ساعة، فإذا كان هذا في مفارقة الروح في الحياة يمضي الوقت بهذه السرعة، فما بالك إذا كانت الروح بعد خروجها من البدن مشغولة إما بنعيم أو جحيم، ستمر السنوات على الإنسان كأنها لا شيء، لأن امتداد الزمن في حال يقظتنا ليس كامتداد الزمن في حال نومنا، فالإنسان المستيقظ من طلوع الشمس إلى زوال الشمس يحس بأن الوقت طويل، لكن لو كان نائمًا ما كأنها شيء، والذي أماته الله مئة عام ثم بعثه ﴿قال كم لبثت قال لبثت يومًا أو بعض يوم﴾ (البقرة: ٢٥٩) . وأصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وتسع سنين، فلما بُعثوا قال بعضهم لبعض: كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يومًا أو بعض يوم، وهذا يدل على أن الإنسان يتعجب كيف تذهب السنوات على هؤلاء الأموات؟ نقول نعم، السنوات ما كأنها إلا دقيقة واحدة، لأن حال الإنسان بعد أن تفارق الروح بدنه سواء كانت مفارقة كلية أو جزئية غير
1 / 112