166

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

وقوله تعالى: ﴿مَاءً﴾ هو المَطَر. وقوله تعالى: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾، سلَكه بمَعنَى: أَدخَله، ومنه سَلْك الخَرَز، يُدخَل فيها حتى يَنظِمها، واليَنابيع جَمْع يَنبوع، يَقول المُفَسِّر ﵀: [أَدخَله في أَمكِنةٍ في الأرض]، يَعنِي: يَنبُع متى أَراده الإنسان، وذلك من تمَام الحِكْمة وتمَام الرَّحْمة؛ لأن هذا الماءَ لو بَقِيَ على ظَهْر الأرض لأَنْتَن وفسَد ولأَفسَد غيره أيضًا، فكان من رحمة الله أن يُدخِله في الأرض يُخزِّنه كما قال تعالى في آيةٍ أُخرى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ [المؤمنون: ١٨]، ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: ٢٢]. وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ﴾: ﴿ثُمَّ﴾ تَدُلُّ على التَّرتيب بمُهْلة؛ لأن هذا الذي يَنزِل يَخرُج بالمطَر لا يَخرُج فورًا، لكنه يَخرُج بالتَّدريج، ومن سُنَّة الله ﷾ أن تَكون الأشياء بالتَّدريج؛ لئَلَّا يَحصُل التَّصادُم في الكون. قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا﴾: ﴿بِهِ﴾ الباء للسَّبَبية، أي: بسَبَبه، وليس المطَرُ هو الذي يَخلُق هذا النَّباتَ، لكنه سبَبٌ له. وقوله تعالى: ﴿زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ هذه صِفة للزَّرْع، لكن هل المُختَلِف الزَّرع أو لَونُه؟ الجَوابُ: أن المُختَلِفَ ألوانُه لأن الصِّفة هنا عادت إلى غير المَوْصوف مَعنًى، ويُسمِّي عُلَماء النحو ﵏ هذا النَّعتَ نعتًا سبَبيًّا؛ لأن مَعناه يَعود إلى غير المَنعوت، فهو تابع للمَنعوت في الإعراب، ولكن مَعناه لغيره، كما قُلْت: رأيت رجُلًا كريمًا أبوه. فالكريم أَبوه، وإجراء الصِّفة على الأبِ لا على الرجُل؛ لهذا تَقول: (كريمًا) نَعْت لـ (رَجُلًا) أو صِفة لـ (رجُلًا)، مع أن حقيقة الوَصْف في غيره، فيُسمَّى هذا: نعتًا سببيًّا.

1 / 170