وقوله تعالى: ﴿حَقَّ عَلَيْهِ﴾ أي: وجَبَ عليه، وذُكِر الفِعْل مع أن لَفْظة ﴿كَلِمَةُ﴾ مُؤنَّث؛ لوَجْهين:
الوجه الأوَّل: أن تأنيث لفظة ﴿كَلِمَةُ﴾ مَجازِيٌّ.
والوجه الآخَر: أنه مُنفَصِل عن عامِله، ولا يَجِب تأنيث الفِعْل إلَّا إذا كان الفاعِل مُؤنَّثًا حقيقيًّا مُتَّصِلًا، كما قال ابنُ مالك ﵀:
وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمَرِ ... مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتِ حِرِ (١)
يَقول تعالى: ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾، أي: وجَب عليه كلِمة العَذاب وهي أنهم لا يُؤمِنون ولو جاءتَهم كلُّ آية، أو كما قال المُفَسِّر ﵀: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: ١١٩] والأوَّلُ أَظهَرُ.
وقوله تعالى: ﴿كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾ يَعنِي: الكلمة التي يَستَحِقُّون بها العَذاب، وهي أن كلَّ مَن خالَف أَمْر الله تعالى فإنه مُستَحِقٌّ للعَذاب.
ثُمَّ قال الله تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾؛ فقوله تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ﴾ الخِطاب للرسول ﷺ، يَعنِي: هل تُنقِذه إذا حقَّتْ عليه كلِمة العَذاب؟
الجواب: (لا)، وإذا كان الجَوابُ: (لا)، فهو عَلامة على أن الاستِفْهام للنَّفيِ، وهنا نَسأَل الهَمْزة في ﴿أَفَمَنْ حَقَّ﴾، والهَمْزة في ﴿أَفَأَنْتَ﴾ هل لكل واحِدة مَعنًى مُستَقِلٌّ، أو أن الثانية تَوْكيد للأُولى؟
الجواب: إن كانت الجُمْلتان جُمْلةً واحِدة فالثانية تَوْكيد للأُولى، وإن كانت كلُّ جُملة مُستَقِلَّة عن الأخرى فالثانية أَصلِيَّة، يَعنِي: تَأسيسية لا تَوْكيدية، ومَهما يَكُن من