Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٦ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
وكذَلِكَ (مَنْ) تَارَة يُراعَى اللَّفظُ وتَارَةً يُرَاعَى معنَاهُ، اقْرَأْ قَوْلَ اللهِ تعَالى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [الطلاق: ١١]، ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ﴾ رَاعَى اللَّفظَ فأَردَهُ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ رَاعَى المَعْنَى.
فقَوُله: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ أَي: ظُهُورِ مَا تَركَبُون مِنَ الفُلكِ والأنعَامِ، فجَمَعَ باعتبَارِ المَعْنَى، وأَفرَدَهَا باعتِبَارِ اللَّفْظِ.
وقَوُلهُ ﷿: ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيتُمْ عَلَيهِ﴾ يَتَذكَّرُ نعمَةَ اللهِ علَيهِ؛ حيثُ يَسَّر لَهُ هَذَا المَركُوبَ، ولَولَا تَيسِيرُ اللهِ مَا تَمكَّنَ مِنْ هَذَا، فلَوْ جَعَلَ اللهُ الإِبِلَ صعبَةً لَا يُمكِنُ أَنْ تُركَبَ مَا انْتَفَعَ النَّاسُ بِهَا، ولَوْ فُقِدَتِ السُّفُنُ مَا اسْتَطَاعَ النَّاسُ أَنْ يَعبُرُوا مِنْ يَابِسٍ إِلَى يَابِسٍ، فلْيَذْكُرِ الإنسَانُ نعْمَةَ اللهِ إِذَا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهِ. ﴿وَتَقُولُوا﴾ أَي: بألسِنَتِكُمْ مُعتَرِفِينَ بقُلُوبِكُمْ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا﴾ أَي: ذلَّلَهُ لَنَا ﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ قَال ﵀: [مُطِيقِينَ].
قَولُهُ تعَالى: ﴿وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٤] قَال ﵀: [لمُنصَرِفُونَ].
من فوائد الآيات الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: نِعْمَةُ اللهِ ﷾ عَلَى عِبَادِهِ؛ حَيثُ جَعَلَ لهمْ مِنَ الفُلْكِ والأنعَامِ مَا يَركَبُونَهُ.
وذَكَرْنا أنَّ الفُلْكَ يَشْمَلُ الفُلْكَ الجَويَّ والبَحريَّ. ويمكِنُ أَنْ نَقُولَ: والبرِيَّ أيضًا، كالسَّيَّاراتِ، فهَذِهِ أفلَاك؛ فإِذَنِ الأفلَاكُ جَوِّيَّة وبَحْريَّةٌ وبَرِّيَّةٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَذْلِيلُ اللهِ ﷿ الأنعَامَ لَنَا؛ حيثُ سخَّرَها لنَركَبَهَا ونُحمِّلَها،
1 / 73