150

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

تعَالى: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ﴾ [العنكبوت: ٤٠]، فهَذَا الرَّجُلُ لمَّا أَخْلَى قَلْبَه مِنْ ذِكْرِ اللهِ عُوقِبَ أَنْ يَحُلَّ محَلَّه الشَّيطَانُ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الحذَرُ مِنْ قُرنَاءِ السُّوءِ؛ لأنَّ الشَّياطِينَ لَيسَ اسمًا خاصًّا لشَياطينِ الجِنِّ، بَلْ حتَّى الإنْسُ لهُمْ شَياطِينُ، قَال اللهُ ﷾: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢]، وقَال تعَالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَه النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)﴾. [الناس: ١ - ٦].
فَفِي هَذَا التَّحذيرِ مِنْ قُرَنَاء السُّوءِ، وقَدْ حذَّر النَّبي -صَلَّى الله عَلَيه مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ؛ حيثُ شبَّه قرِينَ السُّوءِ أَوْ جلِيسَ السُّوءِ بنافِخِ الكِيرِ، إمَّا أَنْ يُحرِقَ ثِيَابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رَائِحَةً كَرِيهَةً (^١)، ثُمَّ إِنَّ الوَاقِعَ كذَلِكَ.
فَمَا أكْثَرَ مَا يَمُرُّ علَينَا مِمَّنْ يَتَّصلُون بِنَا يَشْكُون مِنْ قَوْمٍ كَانُوا مُستَقِيمِينَ وأئمَّةَ مسَاجِدَ، أَوْ مُؤذِّني مَسَاجِدَ اتَّصَل بهِمْ أُناسٌ مِنْ أصحَابِ السُّوءِ، فانْحرَفُوا انحِرافًا كامِلًا، ومثْلُ هؤُلَاءِ -والعِيَاذُ باللهِ- إذَا انحَرَفُوا -نَسأل اللهَ الثَّباتَ- يَكُونُ انحِرافُهُم أشدَّ وأعظَمَ، كالمَاءِ الَّذِي حبَسْتَه ثُمَّ أَطلَقْتَ الحبْسَ سيَنْدَفِعُ بقُوَّةٍ.
فالمُهِمُّ: أن الإنسَانَ إِذَا أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ اللهِ قَيَّض اللهُ لَهُ الشَّيطانَ مِنَ الإنْسِ أَوْ مِنَ الجِنِّ، فهُوَ لَهُ قَرِينٌ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن المُلازِمَ أشدُّ تَأثِيرًا مِنَ العَابرِ الَّذِي يُلازِمُك، ويَبقَى قَرينًا مَعَكَ أشدَّ تأثيرًا مِنَ العَابِرِ، بمَعْنَى: أنَّك لَوْ جلَسْتَ مَعَ إنسَانٍ صاحِبِ سُوءٍ لمُدَّةِ

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، رقم (٥٥٣٤)، ومسلم: كتاب البر والصلة، باب استحباب مجالسة الصالحين، رقم (٢٦٢٨)، من حديث أبي موسى الأشعري ﵁.

1 / 154