148

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

فإِذَا قَال قَائِلٌ: أيُّهُما أَوْلَى نُقدِّر منَادًى مُنَاسِبًا للسِّياقِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَصِحَّ حُلولُ (يَا) فِي هَذَا المكَانِ، أَوْ نَقُولُ: الأَصْلُ عَدَمُ التَّقدِيرِ. ونَجْعَلُ اليَاءَ للتَّنبيهِ؟
فالجَوابُ: الثَّانِي أَوْلَى؛ لأنَّهُ إِذَا دَارَ الأمْرُ بَينَ أَنْ يَكُونَ فِي الكلَامِ شَيءٌ مَحذُوفٌ أَوْ لَا، فالأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ شَيءٌ محَذُوفٌ.
وقَولُهُ: ﴿بُعْدَ الْمَشْرِقَينِ﴾ يَقُولُ المفسِّر ﵀: [مَا بَينَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ]، وعَلَيهِ فيَكُونُ فِي الكَلَامِ تَغْلِيبٌ، وهُوَ تَغْلِيبُ المَشْرِق عَلَى المَغْرِب، والتَّغلِيبُ هَذَا جارٍ فِي اللُّغةِ العرَبيَّةِ، مِثْلُ قَوْلِهِ ﷺ: بَينَ كُلِّ أَذَانين صَلَاةٌ" (^١) إِذَا جعَلْنا مُطلقَ الأذَانِ هُوَ الأذَانَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ دُخُولُ الوَقْتِ.
أمَّا إِذَا جعَلْنا الأذَانَ بمَعْنَى الإعلَامِ فإِنَّ الأَذانَينِ لَيسَ فِيهَا تَغْلِيبٌ؛ لأَنَّ كُلًّا مِنَ الإقَامَةِ والأذَانِ يُسمَّى الأذَانَ، لكِنْ قَولهُم: القَمرَان. يَعنُونَ بذَلِكَ الشَّمسَ والقمَرَ، وقولهم: العُمَرَانِ. يَعنُونَ بذَلِكَ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ، هَذَا مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ، فيَكُونُ ﴿بُعْدَ الْمَشْرِقَينِ﴾ أَي: بُعْدَ مَا بَينَ المَشرِقِ والمغْرِبِ، ولكِنْ ذُكِر بلَفْظِ المَشْرِقِ تَغْلِيبًا.
ويُحتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَولِهِ: ﴿بُعْدَ الْمَشْرِقَينِ﴾ أي: مَشرِقِ الشَّمسِ شِتَاءً ومَشرِقِها صَيفًا؛ لأَنَّ بينَهُما مسَافَةً عظِيمَةً جِدًّا لَا يَعْلَمُ قَدْرَها إلا اللهُ ﷿، وكِلَا المَعنيَينِ صحِيحٌ. يَعنِي: سَوَاءٌ جَعَلْنا اللَّفْظَ للتَّغليبِ أَوْ لَا، والمُرادُ أن هَذَا العَاشِيَ الَّذِي أَضَلَّه الشَّيطانُ إِذَا جَاءَ مَعَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ تَبرَّأ مِنْهُ، وقَال: ليتَكَ بَعِيدٌ عَنِّي وأنا بعِيدٌ عنْكَ.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، رقم (٦٢٧)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب بين كل أذانين صلاة، رقم (٨٣٨)، من حديث عبد الله بن مغفل المزني ﵁.

1 / 152