11

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

فهَذَا تَأثِيرٌ عَجِيبٌ. ومَا أكْثَرَ مَا نَقرَأُ الفاتحَةَ وغَيرَ الفَاتحَةِ والمرِيضُ كَمَا هُو في مرَضِهِ، فلمَاذَا والْآيَةُ واحِدَةٌ؟ الجواب: لأنَّه كَمَا يُقالُ: السَّيفُ بضَارِبِهِ، فالسَّيفُ حَدِيدٌ قَاطِعٌ، لكِنْ إِذَا كَانَ مَعَ الجبَانِ لا يَنْفَعُه، رُبَّما إِذَا رَأَى العَدوَّ مُقبِلًا عَلَيهِ ألقَى بالسَّيفِ وهَرَبَ، لكِنْ إِذَا كَانَ بيَدِ الشُّجاعِ فإنَّه يَنفَعُ ويُدَافِعُ عَنْ نَفْسِهِ ويَقْتُل عَدُوَّه. ولهَذَا يُذكَرُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ الإمَامُ أحمَدُ بْنُ حنْبَلٍ ﵀ يَقْرَأُ عَلَيه، وكَانَ بِهِ صَرَع مِنَ الجِنِّ، فيَخرُجُ الجِنُّ، ولمَّا مَاتَ الإمَامُ أحمَدُ عَادَ الجِنِّيُّ، فقَامَ رَجُلٌ يَقْرَأُ عَلَى هَذَا المَصرُوعِ بِمَا كَانَ الإمَامُ أحمَدُ يَقرَأُ بِهِ، ولكِنَّ الصَّارعَ أَبَى أَنْ يَخرُجَ، وأَجَابَ بأَنَّ الْآيَةَ هِيَ الْآيَةُ والقَارِئُ غيرُ القَارِئِ. فلَا تَظُنَّ إِذَا لم تَجِدْ تَأثيرَ القُرآنِ مُباشرَةً أن القُرانَ غَيرُ مُؤثِّرٍ، ولكِنَّ القَارِئَ غَيرُ مُؤثِّرٍ. ومُبارَكٌ في آثَارِهِ، فقَدْ فتَحَ المُسلمُونَ مشَارِقَ الأَرْضِ ومَغَارِبَها بالقُرآنِ، أَي: بالعَمَلِ بالقُرآنِ؛ ولهَذَا قَال اللهُ سُيحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ جَاهِدْهُم بالقُرآنِ ﴿جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٢]، فتَحُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ ومغَارِبَها بالقُرآنِ حِينَ كَانَ القُرآنُ باليَدِ اليُمنَى والسَّيفُ باليَدِ اليُسرَى. والْآنَ كَثِيرٌ مِنَ المَمَالِكِ الإسلَاميَّةِ بيَدِهَا القَانُونُ الوَضعيُّ بدَلًا عَنِ القُرآنِ الكَرِيمِ؛ ولذَلِكَ كَانَ التَّأخُّرُ؛ فالتَّأخُّرُ والذُّلُّ فِي الأُمَّةِ الإسلَامِيَّةِ بسَببِ عمَلِ مَنْ ينتَسِبُون إِلَيهَا، فالذَّنْبُ -إِذَنْ- في تَأخُّرِ المُسلِمِينَ اليَوْمَ لَيسَ ذَنْبَ الإسلَامِ، ولكِنْ ذَنْبُ المُسلمِين.

1 / 15