Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
84

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

هُنا للاستِحْقاقِ والاخْتِصَاصِ، وقولُه (أَل) في (الحمْد) للعُمُوم، يعْنِي جميعُ المحامِدِ لله ﷾ في السّمَوَاتِ وَالأرْضِ، وهُو ﷾ محْمُودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكانَ النّبيّ ﷺ إِذا أصَابَه ما يَسرُّه قَال: "الحمْدُ للهِ الَّذي بِنِعْمَتِهِ تَتِمّ الصّالحاتُ"، وَإِذا كَان الأمْرُ عَلَى خِلافِ ذَلِك قَالَ: "الحمْدُ للهِ عَلَى كُلّ حَالٍ" (^١)، وأمَّا مَا يقُولُه بعْضُ العامَّةِ: (الحمد لله الَّذي لا يُحمَدُ عَلَى مكروهٍ سواه) فهَذا وِإن كانَ حقًّا لكِنَّهُ لا ينْبَغِي التّعبِيرُ بِهَذا الشّيْءِ؛ لأَنَ فِيه شيئًا مِن العتب عَلَى الله ﷿ في قولهِ: (الَّذي لا يُحْمَد عَلَى مكروه سواه)، وإِنَّما يُقالُ كَما قالَ النّبيّ ﵊: "الحمْدُ للهِ عَلَى كُلَ حَالٍ". قوْلُه ﵀: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ اعْتِرَاضٌ، ومَعْنَاهُ يَحْمَدُهُ أهْلُهُمَا): لا شَكَّ أنَّه داخِلٌ في الآية، وأنَّ قوْله تَعالَى: ﴿وَلَهُ الْحَمْد﴾ يَعْني أنَّه يُحْمَدُ، ولكِنْ ينْبَغِي أنْ يُقالَ بَما هُو أعَمُّ، أيْ أنَّ مَا خَلَقَهُ في السّموِاتِ والأرْضِ فإِنَّهُ مُستَحِقّ لِلْحَمْدِ علَيْه، سواء حُمِدَ أمْ لم يُحْمَدْ، فكُلُّ مَا في السّموَات وَالأرْضِ فإِنَّهُ شيْءٌ يُحمَدُ الله علَيْه، أمَّا في أمُورِ الخيِر فظَاهِرٌ، وأمَّا في أُمُورِ الشّرِّ فيَظْهَرُ ذَلِك؛ لأَنَّ الشّرَّ بالنّسبةِ لفِعْلِ الله وإيجَادِه لَه ليْسَ بِشَرٍّ، بَل قالَ النّبيُّ ﵊: "وَالشّرّ لَيْسَ إِلَيْكَ" (^٢)، فلا يُنْسَب إِلَيْهِ الشّرُّ. مثَالُ ذَلِكَ: الجدْبُ والمرضُ والفقْرُ والجهْلُ والاقْتِتالُ بينَ النّاسِ والخسوفاتُ في الأرْضِ، هَذِهِ كلُّها بالنّسبَةِ لِلإِنْسَانِ شَرٌّ، لكِنَّها بالنّسبَةِ لقَضاءِ الله خيْرٌ لأَنَّ الله ما قَضاهَا إلا لحِكْمَةٍ، وحِينَئِذٍ يكونُ محْمُودًا علَيْها، والشّر في المقْضِيِّ لا في القضاءِ؛

(^١) أخرجه ابن ماجه: كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، رقم (٣٨٠٣). (^٢) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدّعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٧١).

1 / 90