Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٦ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى﴾، فالسّياقُ في قومٍ سَبقُوا لَا في قومٍ حَاضِرينَ، فكَوْنُ المُفَسِّر ﵀ يجْعَلُ الآيات هُنا بمَعْنَى القرآنِ بَعِيدٌ جدًّا، بَلْ إِمَّا أنْ نَجْعَلَها للعُمُوم، وإِمَّا أنْ نجْعَلها للأُمَم السّابِقِينَ، أمَّا أنْ نَخُصَّها بالقرآنِ فهَذا فِيه نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
وقوْله تَعالَى: ﴿نْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾ المرَادُ بالآيات هُنا الآيات الشّرْعِيَّةُ لأنَّها محَلُّ التكذِيبِ، وقَدْ يَكُونُ التكذِيبُ أيْضًا بالآيات الكوْنِيَّةِ.
وقوْله تَعالَى: ﴿وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾: الاسْتِهزَاءُ يشْمَلُ الاسْتِهزاءَ القوْلِيَّ، والاسْتِهزاءَ الفعليَّ، فالاسْتِهزاءُ القوْلِيُّ أنْ يسْخَر بِها، مثْلَ مَا وَردَ في المنَافِقِينَ، قَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قرّائِنَا هَؤُلاءِ أَرْغَبَ بُطَونًا، وَلَا أَكْذَبَ ألسُنًا، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ (^١)، والاستِهْزاءُ الفعليُّ كأَنْ يحجَّ ساخِرًا، أوْ يفْعَلَ شيْئا مِن العبادَاتِ عَلَى وَجْهِ السّخرِيَةِ والاسْتِهزَاءِ والتّحْقِيرِ.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدتَانِ الأوْلى والثّانِيَةُ: سُوءُ العاقِبَةِ للمُسيئينَ؛ لأَنَّ عاقِبَةَ هَؤُلاءِ الَّذِين أسَاؤُوا عاقِبَتُهم السّوأَى؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿السُّوأَى﴾، وَهَذا عَلَى رأْيِ المُفَسِّر ظَاهِر؛ لأَنهُ جَعَل ﴿السُّوأَى﴾ هِي خبَرَ ﴿كَانَ﴾ أوِ اسْمَها عَلَى اخْتِلَافِ القرَاءَةِ في ﴿عَاقِبَةُ﴾، ويتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الفائِدَةِ أنَّ عاقِبَةَ المحْسِن الحسْنَى لأَنَّ الحكْم يدُورُ مَع علَّتِه، فإِذا كانَتْ عاقِبَةُ المسيئينَ السّوأَى، كَانتْ عاقِبةُ المحسِنينَ الحسْنَى، ويُؤيِّدُ ذَلِك قوْله تَعالَى:
(^١) تفسير الطّبري (١٤/ ٣٣٣).
1 / 66