Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٦ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
الأمْرَيْنِ: عَلَى أُمورٍ حِسِّيَّةٍ نُقِلَتْ بعْدَه وأُثِرَتْ، وعَلى أُمورٍ معْنَوِيَّةٍ بقِيَتْ بعْدَه مثْلَ القرآنِ العظِيمِ، ومثْلَ إخْبَارِه ببَعْض الأمُورِ الغيْبِيَّةِ التي وقعَتْ كَما أخْبَر؛ لأَنَّ رسالَةَ النّبيّ ﷺ دائِمَةٌ ومستَمِرَّةٌ وثابِتَةٌ، فلا بُدَّ أن تكُونَ الآيات المؤيِّدةُ للرَّسُولِ ﷺ باقية حتَّى تقُومَ بها الحجة عَلَى الباقينَ مِنَ النّاس لأَنَّ الباقِينَ مِنَ النّاسِ لم يشْهَدُوا الشّيْءَ بأيْدِيهم، وإنما هِي أخْبَارٌ تُؤْثَرُ، فإِنَّهُ كَما جاءَ في الحدِيث: "لَيْسَ الخبَرُ كالمعَاينة" (^١).
الفائدة الحادية عشرة: انتِفَاءُ الظّلْمِ عنِ الله؛ لكَمَالِ عدْلِهِ؛ لقوْلِه ﷾: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: انتْفَاءُ الظّلْمِ عنِ الله نُوافِقُكُمْ علَيْه؛ لأَنَّ الله نفَاهُ عَنْ نفْسِه ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾، لكنْ مِن أيْنَ لكُم قولَكُمْ: (لكَمَالِ عدْلِه)؟
فالجوابُ؛ لأنَّ النّفيَ يدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ المنْفَي، والانْتِفاءُ يُساوِي العدَمَ، والعدَمُ نفْسُه ليْسَ بشَيْءٍ، العدَمُ عدَمٌ عَلَى اسْمِهِ، فإِذا كَانَ ليْسَ بشَيْءٍ فلَا يكُونُ صفَةَ كَمالٍ يُثْنِي الله بِها عَلَى نفْسِه لانهُ ليْسَ بشَيْءٍ.
إِذَنْ: لاُ بدَّ مِن أنْ يكُونَ متضَمِّنًا لشَيْءٍ وهُو الإثْبَات، هَذا الإثْبَات إمَّا أنْ يكُونَ للعَجْزِ، وإِمَّا أنْ يكُونَ لعدَمِ القابليَّةِ، وإمَّا أنْ يكُونَ لكَمَالِ العدْلِ، والاحْتِمال اللائِقُ بالله ﷿ هوَ كمالُ العدْلِ، وَبِهذَا عرَفْنَا أنَّ التِزام نفْيِ الظّلْمِ لكمالِ العدْلِ لازِمٌ عقلي لا بُدَّ منْهُ بالنّسْبَةِ للهِ ﷿ ليْسَ بالنّسْبةِ لكُلِّ مَن يُنْفَى عنْه الظّلْمُ، وحِينَئِذٍ يُسْتَفَادُ منْهَا انتِفَاءُ الظّلْمِ لِكَمَالِ عدْلِ الله ﷿.
(^١) أخرجه أحمد (١/ ٢١٥، رقم ١٨٤٢).
1 / 60