Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
47

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥]، وَكَذلِكَ قُرَى قومِ لوطٍ الَّذِين أُتْرِفُوا فتَلِفُوا - والعياذُ باللهِ -، أُتْرِفُوا ونُعِّمُوا حتَّى كانُوا مِنْ شِدَّةِ التّرفِ - والعياذُ باللهِ - يعْدِلُونَ عمَّا خلقَ الله لهمْ مِنْ أزْوَاجِهِمْ إِلَى إِتْيانِ الذّكُورِ، نسْأَل الله العافِيَةَ. قوْله تَعالَى: ﴿كَانُوا﴾: جمَلةٌ استئنَافِيَّةٌ يُراد بِها بَيان حَال هَؤُلاءِ السّابِقِينَ. قولُه ﵀: [﴿أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ كعاد وثمود]: لا أشُكُّ أنَّهم أشَدُّ مِن قُرَيْشٍ قوَّةً، فعَادٌ معرُوفَةٌ قوَّتُهم ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ [الفجر: ٦ - ٨] وثمودُ أيضًا الَّذِين ينْحِتُون مِن الجبال بُيوتًا فارِهِين، بُيوتًا آمِنَة عاليَةً شامخةً مِنَ الجبَالِ وَالأحْجَار، وَهَذا يدُلُّ عَلَى القوَّةِ، ومنَ السّهولِ يتَّخِذُون قصورًا عظِيمةً فخْمَةً، ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا﴾ [الأعراف: ٧٤]، وهَذا لمْ يحَصُلْ لأهْلِ مكَّةَ، ومَع ذَلِك دمَّرهم الله ﷿ بكُفْرِهم وتكْذِيبِهِمْ. قوْله تَعالَى: ﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾: معطُوفٌ عَلَى ﴿كَانَ﴾، وليْسَ معطوفًا عَلَى خَبَرِ كانَ، أيْ عاقبةُ الَّذِين مِنْ قبْلِهم أثَارُوا الأرْضَ، وليْسَتْ معطُوفةً عَلَى ﴿أَشَدَّ﴾، حتَّى نقُولَ: كانُوا أشَدَّ منْهُم وكانُوا أثَارُوا الأرْضَ وعَمَرُوها، بَلْ معطُوفَةً عَلَى كَانَ. قوْله ﵀: [﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾ حرثوها وقلبوها للزرع والغرس]: هَذِهِ إثارَةُ الأرْض، فالإنسان إِذا حرَثَ الأرْضَ لَا شكَّ أنَّه يُثيرُهَا، والحرْثُ معرُوفٌ بالمسحاة (^١) أوْ بالجرَّاراتِ تُثِيرُ الأرْض يْعْنِي ترفَعُها، وَكَذلِكَ أيضًا الغرْس فإِنَّ الإنسان يُثيرُ الأرْضَ ليَحْفِرَ للشَّجَرةِ حتَّى يثبَتها، فهَؤُلاءِ أشَدُّ منْهُم قوَّةً، وأيضًا قَد أثَارُوا الأرَاضِيَ، أمَّا أهْلُ مكَّةَ فلَمْ يُثيروا الأرْضَ؛ لأنَّهُم في وادٍ غيْرِ ذِي زَرْعٍ.

(^١) المسحاة: كالمجرفة إلا أنها من حديد، الصّحاح للجوهري (٧/ ٢٢٣).

1 / 53