Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٦ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
فالعلمُ بالأحكامِ الشَّرعيةِ يَتَفَاوَتُ بهذه الثَّلاثةِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يكونُ معه إيمانٌ صافٍ حتى يرى الحقَّ عَلَى ما هو علَيْه ويُفتح له بابُ الهِدايةِ، ومِنَ النَّاسِ مَنْ يكونُ في إيمانِه ضَعْفٌ فيُحْجَبُ عنه مِنَ الهِدايةِ بقَدْرِ ما نقص من إيمانه، فالإِيمَان له أثرٌ كبيرٌ حتى في العِلم، كما قال الشَّافعي ﵀ (^١):
شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي ... فَأَرْشَدَنِي إِلَى تَرْكِ المَعَاصِي
وَقَالَ اعْلَمْ بِأَنَّ العِلْمَ نُورٌ ... وَنُورُ الله لَا يُؤْتَاهُ عَاصِ
واللهُ ﷿ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال: ٢٩]، ولا فُرقانَ إلا بعلمٍ، فالنّاسُ يختلفونَ في هَذا اختلافًا عظيمًا بحسبِ ما معهم من الإِيمَان والتَّقوى.
كذلك أيضًا يختلفُ النَّاس في العلمِ، مثلًا رجلانِ أحدُهما يعرفُ كُتُبَ السُّنة - البُخاري ومُسلم وغيرها من كُتب السُّنة - والثاني لا يعرفُ شيئًا، فلا شك أن الأولَّ أَعْلَمُ.
والثَّالثُ الفَهْم، فإنَّ النَّاسَ يختلفونَ فيه اختلافًا عظيمًا؛ وَهذا قِيلَ لِعَليِّ بنِ أبي طَالِب ﵁: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: "مَا عَهِدَ إِلَيْنَا بِشَيْءٍ إِلَّا مَا في هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، أَوْ فَهْمًا يُؤْتِيهِ الله تَعالَى في القُرْآنِ" (^٢)، ولا شك أن النّاسَ يختلفونَ في الفهمِ، حتى إنَّ النَّصَّ الواحدَ تجدُ بعضَ النَّاسِ يَسْتَنْبِطُ منهُ عَشْرَ مَسَائِلَ، وآخَر لا يستنبطُ إلا مسألتينِ أو ثلاثة، وثالث يقول: أنَا أقرأُ لكم الحديثَ وعليكم الاسْتِنباط.
(^١) ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (٤/ ٨٦).
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم (١١١).
1 / 193