128

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

قوْلَه تَعالَى: ﴿فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يُخاطِبُ أُناسًا يعْرِفُون الَّذي يَحْيا، والَّذِي يَمُوتُ، يعْرِفُونَ الَّذِي يَحْيا بالمَطر والَّذِي يمُوتُ بفَقْدِ المَطرِ، فهَلْ أحَدٌ ممَّن يُخاطَبُ بهذِه الآيةِ يقُولُ: إِنَّ هَذا الطِّينَ وَهَذا الرَّمْلَ وَهَذا الحجَر يمُوتُ بفَقْدِ المَطَرِ، ويَحْيا بوُجودِه؟ ! الكلِمَةُ يُعيِّن معنَاها السّياقُ، وَبِهذَا نسْلَمُ مِنَ القَوْلِ بالمَجازِ؛ لأَنَّ مِنْ أبْرَزِ عَلامَاتِ المجَازِ أنَّه يصِحُّ نفْيُه، والقُرْآنُ لَا يُوجَدُ فِيه شيْءٌ يصِحُّ نفْيُه؛ لأنَّهُ لَوْ صَحَّ نفْيُ شيْءٍ في القُرآنِ لكَان معْنَاه التّكْذِيبَ، مِثَالُ ذَلِك قوله تَعالَى: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧]. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: الجِدارُ لَا يُرِيدُ فَما معْنَى هَذا؟ قُلْنَا: معْنَى هَذا نفْيُ مَا أثْبَتَ الله ﷿، وَهَذا هُو الَّذي جعَل بعْضَ أهْل العِلمِ يُنْكِرُ المَجازَ فِي القُرآنِ، وُيثْبِتُه في غيْرِه مِنَ اللُّغَةِ العرَبِيَّة، يقُولُ: لأنَّهُ ليْسَ في القُرآنِ شيْءٌ يصِحُّ نفْيُه، وأبْرزُ علاماتِ المَجازِ أنَّه يصِحُّ نفْيُه، ولكنَّ الصّوابَ مَا اختَارهُ شيْخُ الإسْلام ابْنُ تيْمِيةَ ﵀ أنَّه لا مجَازَ لَا في القُرآنِ ولَا فِي اللُّغَة العرَبِيَّة؛ لأنَّنا نقُول: إنَّ الَّذي يُعَيِّنُ المَعْنى هُو السِّياقُ، وعلَيْه فَإِذا تعيَّن معْنَى الكلِمَةِ فهُو حقِيقَتُها فِي كُلِّ سِيَاقٍ. قال المُفَسِّر ﵀: [﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ المَذْكُورِ]، المُشارُ إلَيْهم كُلُّ مَا سبَق ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾، ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾، ﴿فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ هَذِهِ ثلاثَةٌ، هَذا المذْكُور فِيه آياتٌ لقَوْمٍ يعْقِلُون. يقُول المُفَسِّر ﵀: [﴿لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يتَدَبَّرُون]، وهُنَا قَال: ﴿لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ أيْ لِذَوي عقْلٍ، والعَقْلُ ينْقَسِم إِلَى قِسْمَيْنِ: عقلِ إدْراكٍ، وعقْلِ رَشَدٍ.

1 / 134