Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml
تفسير العثيمين: النمل
Yayıncı
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
الرَّسُولُ ﵊ إنْ كَانَ قدْ مَارَسَها، ولهَذَا الرَّسُول ﵊ لو كَانَ عنده فِي مكَّة نَخْلٌ ومارسَ هَذَا الشَّيْءَ أو مارسه أهل مكَّة وعَلِموا به لَدَرَى عنه الرَّسُولُ، لَكِنَّهُ أتَى للمدينةِ أوَّل ما أتى وقال: واللهِ أنا ما أظنُّ أنَّ هَذَا التلقيحَ يَنْفَعُ شيئًا (^١)، ولم يقلْ: لا تُلَقِّحوا، لكِن الصحابة لِتَعَبِهِم مِنَ التلقيحِ لمَّا سمِعوا هَذَا الكَلامَ فرِحوا وقَالُوا: إذنْ لا نُلَقِّح وتركوا التلقيحَ.
فما أخبر به الرَّسُولُ قد يَكُونُ بالممارسةِ وقد يَكُونُ بغيرِ الممارسةِ، مثلًا: "الْكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ" (^٢) هل هَذَا وحيٌ أو لا؟
هَذِهِ بالذات قد تكون وحيًا؛ لِأَنَّهَا خَفِيَّة، لكِن مسألة الحِجامة ومسألة الكَيّ هَذَا أمرٌ معلومٌ ومعروفٌ عندَ النَّاسِ، فقد يُغَلِّبُ الْإِنْسَان أن الرَّسُول ﷺ عَلِمَ ذلكَ بالتجارِب، وقد يقولُ الْإِنْسَان: هَذَا وحي مِنَ الله ﷿ أوحاه إليه.
والمعلوم بالتجارب قطعيّ إذا حَكَمَ به الرَّسُولُ، مَعَ أن الرَّسُول يَقُول: "إِنْ كَانَ الشِّفَاءُ فِي شَيْءٍ فَفِي ثَلَاثٍ" فما جَزَمَ؛ لِأَنَّهُ قد لا يَشفَى الْإِنْسَان بهَذهِ الثلاث.
وكلامه الأوَّل فِي التلقيحِ لَيْسَ عن تجَارِبَ، ولهَذَا أخلفَ الأَمْر؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عنده وَحْيٌ ولا تجَارِبُ ﵊.
إِذَنِ: الرَّسُول قالها رأيًا، هُوَ قَالَ: أَرَى أنَّ ذلك لا يَنْفَع شيئًا، لكِن مِثْلَما تقدَّم: أنَّ الصحابة لمَّا سمِعوا هَذَا الكَلام فرِحوا به، قَالُوا: إذن كُفِينا المُؤْنَةَ؛ ما دام هَذَا ظنّ النَّبِيّ ﷺ، وترَكُوه وفَسَدَ النخلُ.
(^١) سبق تخريجه بلفظ: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم".
(^٢) رواه البخاري، كتاب الطب، باب المن شفاء للعين، حديث رقم (٥٣٨١)، ومسلم، كتاب الأشربة، باب فضل الكمأة ومداواة العين بها، حديث رقم (٢٠٤٩)، عن سعيد بن زيد ﵁.
1 / 281