Tafsir al-Uthaymeen: Al-Ma'idah
تفسير العثيمين: المائدة
Yayıncı
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Baskı
الثانية
Yayın Yılı
١٤٣٥ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
وقوله: ﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾ أي: من سائر المخلوقات.
قوله: ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ فالأمر إليه، يغفر لمن يشاء أن يغفر له فيوفقه لفعل أسباب المغفرة، وإنما قلنا ذلك؛ لأن لدينا قاعدة مهمة وهي: أن كل فعل قرنه الله بالمشيئة فلا بد أن يكون موافقًا للحكمة؛ لأن مشيئة الله ليست مشيئة مجردة ترجح شيئًا على شيء بدون سبب.
وعلى هذا فقوله: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ أي: لمن اقتضت حكمته أن يغفر له وهو التائب من الذنب، وكذلك من مَنَّ الله عليه بالمغفرة بدون توبة وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].
وقوله: ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ يعذب من يشاء أن يعذبه بأن فعل ما يقتضي التعذيب، وليس الأمر لمجرد مشيئة؛ لأن الله تعالى لا يعذب أحدًا إلا بذنب، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢)﴾ [طه: ١١٢]، لا ظلمًا بزيادة السيئات ولا هضمًا بنقص الحسنات، وعلى هذا فيكون التعذيب المقرون بالمشيئة مقيدًا بما إذا اقتضت الحكمة أن يُعَذِّبَ، ومن ذلك: أنتم أيها اليهود والنصارى، فقد شاء الله تعالى أن يعذبكم وفعلًا عذبكم بذنوبكم؛ لأنكم عصيتموه.
قوله: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ هذا تقدم الكلام عليه في الآية التي قبلها، لكن اختلف ختم الآيتين، فقال في الآية السابقة: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة: ١٧]؛ لأن المقام مقام ردٍّ على الذين قالوا: إن الله هو
1 / 239