48

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

Yayıncı

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٣٥ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

• ثم قال ﷿: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨]. الظاهر أن هذا من جملة قول الراسخين في العلم. يقولون: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ ويقولون أيضًا: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾. والدعاء غالبًا يُصَدَّر بالربِّ، لأن الدعاء يتطلب الإجابة، والإجابة من الأفعال، والأفعال علاقتها بالربوبية أكثر من علاقتها بالألوهية، ولهذا غالب الأدعية يأتي مُصَدَّرًا بالربِّ ﴿رَبِّنَا﴾. وقوله: ﴿رَبِّنَا﴾: منصوبة بيا النداء المحذوفة. وأصل الكلام (يا ربنا) لكن حذفت يا النداء تخفيفًا، وتيمنًا بالبداءة باسم الله ﷿. وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾: ﴿لَا تُزِغْ﴾: هذه جملة دعائية وإن كانت بصيغة النهي؛ لأن النهي لا يمكن أن يرد من المخلوق للخالق. إذ النهي طلب الكف على وجه الاستعلاء، ولا يمكن للمخلوق أن يطلب من ربه أن يكف على وجه الاستعلاء أبدًا. وإذا وُجِّهَ الطلبُ من أدنى إلى أعلى سُمِّيَ دعاءً، فلهذا نقول: (لا): دعائية، ولا نقول: (لا): ناهية، لأنه لا نهي من المخلوق للخالق. وقوله تعالى: ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾: أي: لا تزغها عن الهداية، بل اهدها هداية دلالة وهداية توفيق. وقوله: ﴿لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ سلط الفعل على القلب؛ لأن القلب عليه مدار العمل، لقول النبي ﷺ: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا

1 / 50