202

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

Yayıncı

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٣٥ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾ [إبراهيم: ٩]، فمن ادعى علم شيء ممن سبق فهو كاذب إلا ببرهان، وآدم كما نعلم بيننا وبينه أزمنة طويلة جدًّا، فلا يمكن أن نقبل قولًا فيه إلا عن طريق الوحي الصحيح.
وسمي آدم: قيل لأُدمته، يعني لونه ليس الأبيض الباهق ولا الأسود الحالك، لكنه بين ذلك. وخلقه الله ﷿ على صورته أي على صورة الله ﷿ تكريمًا له، ولا يلزم من كونه على صورة الله أن يكون مماثلًا له؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، فعلينا أن نؤمن بالنصوص كلها، نؤمن بأنه خلقه على صورته، ونؤمن بأنه ليس كمثله.
فإن قلت: كيف يكون على صورته وليس مثله؟
فالجواب: يمكن هذا في المخلوق فما بالك في الخالق، فلقد أخبر النبي ﵊: "أن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر" (^١). ومن المعلوم أنه لا يلزم التماثل؛ يعني ليس صورتهم كصورة البدر تمامًا، بل من حيث الجمال والبهاء والنور كالقمر ليلة البدر. ثم إن القرآن والسنة لا يكذب بعضهما بعضًا. وآدم ﵊ أوحي إليه كما في القرآن الكريم. ولا شك أنه أوحي إليه أيضًا من الناحية العقلية، وذلك لأنه لا يستقل بعبادة الله؛ أي لا يمكن أن يعرف كيف يعبد الله إلا بوحي من الله وهو مخلوق للعبادة. ﴿وَمَا خَلَقْتُ

(^١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم (٣٢٤٦).

1 / 204