280

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

أنْ يُؤَمِّنَ الكافرَ، لقولِ النَّبيِّ ﵊: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ" (^١). وَأَمَّا المعاهَدَة والذِّمَّة فلا تكونُ إِلَّا مِنَ الإمامِ أو نائِبِهِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله ﷺ: "أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ"، ألَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يدخلُ فِي الإجارةِ حَتَّى يوافق الإمامُ؟
الجواب: لا، لا يدلُّ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ لو كَانَ كَذَلِك لَمَنَعَ الرَّسول ﵊ غيرَها أنْ يُجيرَ بعدَ ذلكَ، فهذا لَيْسَ معناهُ إنشاء، بل معناه أَنَّهُ حُكْم، فالإنشاء حَصَلَ بإجارتها الأُولَى، يَعْنِي كأنه يقولُ: قد ثَبَتَتْ إجارتُكِ إيَّاه؛ لأننا لا نعلم أَنَّ الإجارة ثابتة إِلَّا بِهَذَا، فليسَ هَذَا إنشاءً، وإنَّما هو عبارة عن بيانِ حُكم أَنَّهُ أنْفَذَ إجارتَها.
قوله: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ مستثنًى من الأَنْفُسِ المحرَّمة؛ لِأَنَّ هَذِهِ الأنفس المحرَّمة قد تُستباحُ بالحقِّ، فمِنَ الحقِّ ما أَشَرْنَا إليه من كونِ المسلمِ يَزْنِي وهو مُحْصَن، وكَذَلِك الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ يُقامُ عليه الحَدُّ كما فعلَ النَّبيُّ ﷺ بِرَجْمِ الزانيينِ المحصَنينِ، وكَذَلِك مِنَ الحقِّ أنْ يَكُونَ ذلكَ قِصاصًا، ومِنَ الحقِّ إذا كَانَ قاطِعَ طَريقٍ، فهَذِهِ فِي الأَصْلِ أنفُسٌ محرَّمة، لكِن وُجِدَ حقٌّ يُبيحُ قَتْلَها.
وَأَمَّا إذا ارتدَّ فلا يدخل فِي الاستثناءِ، بل يدخُل فِي المفهوم ﴿الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾؛ فإن المرتدَّ مباح الدمِ، وليسَ هو ممن يَحْرُم قتلُه إِلَّا لسَبَبٍ، بل هو مِمَّن يجوز قتله، فيَكُون المرتدُّ داخلًا فِي مفهومِ قولِهِ ﷿: ﴿الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾؛ لِأَنَّ المرتدَّ لَيْسَ مُحرَّمًا؛

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الجِزيَةَ، باب أمان النساء وجوارهن، رقم (٣١٧١)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، وأكملها ثمان ركعات، وأوسطها أربع ركعات، أو ست، والحث على المحافظة عليها، رقم (٣٣٦).

1 / 285