230

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

مسبوقًا بتقديرٍ؛ لِأَنَّ أصلَ الخَلْقِ التقديرُ، لَكِنَّه يُطلَق عليه وعلى الفعلِ، فإذا أُطلق الخَلْقُ عَلَى الفعلِ صارَ معناهُ أَنَّهُ فِعْلٌ بتقدير، فيَكُون الإحكامُ سابقًا، ثم الفعلُ عَلَى مِنهاج ذلك الإحكامِ، فَخَلَقها مُحْكَمَة، ومَن تَدَبَّرها وتأمَّلَها وجدَ فِيها غايةَ الإحكامِ.
قوله: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ ومِمَّا نراه مما بينهما الشَّمْس والْقَمَر والنجوم، وغير ذلك؛ لأنَّ القَوْلَ بأن هَذِهِ فِي نفس السَّموات لَيْسَ عليه دليلٌ من الكِتَابِ ولا من السُّنةِ، وإنما ظاهر القُرْآنِ يَدُلّ عَلَى أنها فِي فَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ، والواقعُ يَشْهدُ لذلكَ أَيْضًا، فإنهم وَصَلُوا إِلَى الْقَمَرِ، ولو كَانَ فِي نفسِ السَّمَاءِ ما وصلوا إليه؛ لِأَنَّ اللَّه يقول: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢]، فإذا كانت السَّمَاءُ محفوظةً حَتَّى عن أشرفِ الرُّسُلِ وأشرفِ الملائكةِ إِلَّا باستئذانٍ، فمَن دونَهم من باب أَوْلَى.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ [نوح: ١٥ - ١٦]، ما معنى قولِهِ: ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾؟
الجواب: يَعْنِي فِي جِهَتِهِنّ، يَعْنِي ليستْ مظروفاتٍ له، والمظروف الجهة، كما سيأتينا إنْ شاء اللَّهُ فِي قوله: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ [الفرقان: ٦١]، نفس الشَيْء.
وقوله ﷿: ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ يقول المُفَسِّر ﵀: [من أيامِ الدُّنْيا، أي فِي قَدْرِها؛ لِأَنَّهُ لم يكنْ ثَمَّ شمس، ولوْ شاءَ لَخَلَقَهُنَّ فِي لمَحَةٍ، والعدول عنه لتعليمِ خَلقِه التثبُّت]، العدول: عَدَلَ يَعدِل عَدْلًا وعُدُولًا، يقول ﵀: [في ستةِ أيامٍ من أيام الدُّنْيا] هَذَا هو القَوْل المشهورُ، وهو الراجِحُ، وَأَمَّا مَن قَالَ: فِي ستَّة أيامٍ من أيامِ الآخِرةِ، وإن اليومَ كألفِ سنةٍ، أو من قَالَ: إن المرادَ بالأيامِ مطلَق الزمنِ، أي فِي لحظاتٍ، فكَذَلِك أَيْضًا قول مرجوحٌ؛ لِأَنَّ القُرْآنَ إِنَّمَا يخاطِب النَّاسَ بما يَعرِفونَ،

1 / 235