246

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

Yayıncı

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٦ هـ

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

قوله ﵀: [والتَّنْبِيهُ عَلَى حُجَجِهِ]: الحُجَجُ جمع حُجَّة، وهي الدَّلِيلُ المقْنِعُ.
قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ هذا مستَثْنَى مِنْ قولِهِ: ﴿أَهْلَ الْكِتَابِ﴾، وهذا الاستثناءُ يجوزُ فيه النَّصْبُ ويجوز فيه البَدَلِيَّةُ، والأرجحُ البَدَلِيَّةُ؛ لأنه بمعنى النفي لأنه مسبوقٌ بنَهْي، قال ابن مالك ﵀ (^١):
مَا اسْتَثْنَتِ إلّا مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ ... وَبَعْدَ نَفْيٍ أَوْ كَنَفْيٍ انْتُخِبْ
قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ بأَنْ حارَبُوا وأَبَوْا أنْ يُقِرُّوا بالجْزِيَةِ فجَادِلُوهُم بالسَّيْفِ حتى يُسْلِمُوا أو يُعْطُوا الجِزيَةَ]: هؤلاء هُمُ ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ولعَلَّ الآية أعَمُّ مما قال المُفَسِّر، ويكونُ المرادُ بـ ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أي: كابَرُوا وعانَدُوا ولم يَرْضَخُوا للحَقِّ الذي تبَيَّنَ، فهؤلاء لا يجادَلُون بالتي هي أحسَنُ؛ لأنه تَبَيَّنَ عنادُهم.
وهل الآيةُ تَدُلُّ على أنهم يُتْركون، أم أن الآية تَدُلُّ على أنهم يجَادَلُونَ بالَّتِي هي أسْوأُ؟
اختلف كلامُ المفَسِّرِينَ في هذه المسألة: فمنهم من قال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ فاتْرُكوهُم ولا تُجادِلُوهم؛ لأنه لا فائِدَةَ من جِدَالهِم ما دامَ قد ظَهَرَ عِنَادُهُم وظُلمُهُمْ. ومنهم من قال كما قال المُفَسِّر ﵀: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ يعني: فجَالِدُوهم ولا تُجادِلُوهُم أي: فجالِدُوهم بالسَّيْفِ حتى يُسْلموا أو يَعْطُوا الجزية.
وعِنْدي أن الآية تحتَمِلُ المعْنَيينِ جَميعًا، وأنه ينْبَغِي أن تنْزِلَ على الحالَينِ وتستعمل كلَّ حالٍ بما يَليقُ ويُناسِبُ، فإذا كان المقامُ يقْتَضِي أن نجَالِدَهُم بالسيفِ،

(^١) البيت رقم (٣١٦) من ألفيته.

1 / 250