Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan
تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث
Baskı Numarası
بدون تاريخ نشر
Türler
بذلك من قيلهم، مع استسرارهم الشكَّ والريبة، (وَمَا يَخْدَعُونَ) بصنيعهم ذلك (إِلا أَنْفُسَهُمْ) دون رسول الله ﷺ والمؤمنين؛ (وَمَا يَشْعُرُونَ) بموضع خديعتهم أنفسَهم، واستدراج الله ﷿ إيّاهم بإملائه لهم، (فِي قُلُوبِهِمْ) شك النفاق وريبَتُه (١) والله زائدهم شكًّا وريبة بما كانوا يَكذِبون الله ورسوله والمؤمنين بقَوْلهم بألسنتهم آمنَّا بالله وباليوم الآخر، وهم في قيلهم ذلك كَذَبة، لاستسرارهم الشَّكَّ والمرض في اعتقادات قلوبهم في أمر الله وأمر رسوله ﷺ. فأولى في حكمة الله ﷻ، أن يكون الوعيد منه لهم على ما افتتح به الخبَر عنهم من قبيح أفعالهم وذميم أخلاقهم، دون ما لم يَجْرِ له ذكر من أفعالهم. إذْ كان سائرُ آيات تنزيله بذلك نزل، وهو: أن يَفتتِح ذكر محاسن أفعالِ قومٍ، ثم يختم ذلك بالوعيد على ما افتتح به ذِكره من أفعالهم، ويفتتح ذِكْر مساوي أفعالِ آخرين، ثم يختم ذلك بالوعيدِ على ما ابتدأ به ذكرَه من أفعالهم.
فكذلك الصحيح من القول - في الآيات التي افتتح فيها ذِكر بعض مساوى أفعال المنافقين - أنْ يختم ذلك بالوعيد على ما افتتح به ذِكرَه من قبائح أفعالهم. فهذا هذا (٢)، مع دلالة الآية الأخرى على صحة ما قلنا، وشهادتِها بأن الواجب من القراءة ما اخترنا، وأنّ الصواب من التأويل ما تأوّلنا، من أنّ وعيد الله المنافقين في هذه الآية العذابَ الأليمَ على الكذب الجامع معنى الشكّ والتكذيب، وذلك قولُ الله ﵎: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة المنافقون: ١، ٢] . والآية
(١) في المطبوعة: "في قلوبهم شك، أي نفاق وريبة". والذي في المخطوطة أصح.
(٢) في المطبوعة: "فهذا مع دلالة الآية الأخرى. . "، ولم يأت في الجملة خبر قوله"فهذا"، والذي في المخطوطة هو الصواب.
1 / 285