Tafsir Al-Shaarawi

El Shaarawy d. 1418 AH
56

Tafsir Al-Shaarawi

تفسير الشعراوي

Türler

[مريم: 71-72]. لأن مجرد رؤية المؤمنين لجهنم نعمة كبرى، فحين يرون العذاب الرهيب الذي أنجاهم الإيمان منه يحس كل منهم بنعمة الله عليه. أنه أنجاه من هذا العذاب، وأهل النار وأهل الجنة يرى بعضهم بعضا، فأهل الجنة حينما يرون أهل النار يحسون بعظيم نعمة الله عليهم إذ أنجاهم منها، وأهل النار حين يرون أهل الجنة يحسون بعظيم غضب الله عليهم أن حرمهم من نعيمه، فكأن هذه الرؤية نعيم لأهل الجنة وزيادة في العذاب لأهل النار.. والله سبحانه وتعالى يقول: { وبشر.. } [البقرة: 25] والبشارة هي الإخبار بشيء سار قادم لم يأت وقته بعد. فأنت إذا بشرت إنسانا بشيء أعلنته بشيء سار قادم. والبشارة هنا جاءت بعد الوعيد للكافرين. والإنذار هو إخبار بأمر مخيف. لم يأت وقته بعد. ولكن البشارة تأتي أحيانا في القرآن الكريم ويقصد بها الكفار. واقرأ قوله تعالى:

ويل لكل أفاك أثيم * يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم

[الجاثية: 7-8]. البشارة هنا تهكمية من الله سبحانه وتعالى، فالحق تبارك وتعالى يريد أن يزيد عذاب الكفار، فعندما يسمعون كلمة " فبشرهم " يعتقدون أنهم سيسمعون خبرا سارا، فيأتي بعدها العذاب الأليم ليزيدهم غما على غم.

يقول الحق سبحانه وتعالى: { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات.. } [البقرة: 25]. البشرى هنا إعلام بخير قادم للمؤمنين، والإيمان هو الرصيد القلبي للسلوك لأن من يؤمن بقضية يعمل من أجلها، التلميذ يذاكر لأنه مؤمن أنه سينجح، وكل عمل سلوكي لابد أن يوجد من ينبوع عقيدي. والإيمان أن تنسجم حركة الحياة مع ما في القلب وفق مراد الله سبحانه وتعالى، ونظام الحياة لا يقوم إلا على إيمان.. فكأن العمل الصالح ينبوعه الإيمان. ولذلك يقول القرآن الكريم:

والعصر * إن الإنسان لفى خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات..

[العصر: 1-3]. وفي آية أخرى:

ومن أحسن قولا ممن دعآ إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين

[فصلت: 33]. ولكن هل يكفي الإعلان عن كوني من المسلمين؟ لا.. بل لابد أن يقترن هذا الإعلان بالعمل بمرادات الله سبحانه وتعالى. الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أن قولنا: " لا إله إلا الله محمد رسول الله " لابد أن يصاحبه عمل بمنهج الإسلام.. ذلك أن نطقنا بالشهادة لا يزيد في ملك الله شيئا.. فالله تبارك وتعالى شهد بوحدانية ألوهيته لنفسه، وهذه شهادة الذات للذات.. ثم شهد الملائكة شهادة مشهد لأنهم يرونه سبحانه وتعالى، ثم شهد أولو العلم شهادة دليل بما فتح عليهم الله جل جلاله من علم.. وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:

شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم

[آل عمران: 18]. ولكن الحق سبحانه وتعالى يريد من المؤمنين أن يعملوا بالمنهج.. لماذا؟ حتى لا تتعاند حركة الحياة بل تتساند.. وما دامت حركة الحياة مستقيمة، فإنها تصبح حياة متساندة وقوية، وعندما انتشر الإسلام في بقاع الأرض لم يكن الهدف أن يؤمن الناس فقط لمجرد الإيمان، ولكن لابد أن تنسجم حركة الحياة مع منهج الإسلام.. فإذا ابتعدت حركة الحياة عن المنهج حينئذ لا يخدم قضية الدين أن يؤمن الناس أو لا يؤمنوا.. ولذلك لابد أن ينص على الإيمان والعمل الصالح.. { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } [البقرة: 25].. والصالحات هي جمع صالحة والصالحة هي الأمر المستقيم مع المنهج، وضدها الفساد.. وحين يستقبل الإنسان الوجود، فإن أقل الصالحات هو أن يترك الصالح على صلاحه أو يزيده صلاحا. الحق تبارك وتعالى يبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات بجنات تجري من تحتها الأنهار.. والجنات جمع جنة، وهي جمع لأنها كثيرة ومتنوعة، وهناك درجات في كل جنة أكثر من الدنيا.. واقرأ قوله تبارك وتعالى:

Bilinmeyen sayfa