Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani
تفسير المنتصر الكتاني
Türler
تفسير قوله تعالى: (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى)
قال تعالى: ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا﴾ [طه:٥٧].
وهذه عادة الكفرة عندما يعجزون عن البرهان والدليل، فموسى يجادل فرعون ويعلمه ويرشده بالمنطق ورؤيا العين وسماع الأذن وواقع الحال، وإذا بفرعون عندما يعجز عن الأخذ والعطاء والاستدلال بقضايا العقول، إذا به يبهت ويقول له: ما جئت إلا وأنت ساحر تريد الملك والسلطان وإخراجنا من أرضنا والتسلط عليها، واعتبار نفسك ملكًا ورئيسًا وعظيمًا.
قال فرعون: ﴿أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى﴾ [طه:٥٧].
يتساءل سؤال المستنكر الجاحد الكافر: يا موسى! هل مجيئك إلينا تريد منه إخراجنا من أرض مصر؟ وكان قد اتخذ نفسه فيها إلهًا من دون الله، وهو قد استغفل قومه، واستخف عقولهم، وما أشبه اليوم بالأمس.
فعندما قال لهم: لا أعلم لكم إلهًا غيري كانت حجته أن قال: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ [الزخرف:٥١] وكأن مصر هي العالم كله، فلكونه جعل عليها سلطانًا وحاكمًا فترة من الزمن تبعًا لمن سبقه من أب وجد اتخذ ذلك دليلًا على ربوبيته وعلى ألوهيته، وكان سخيف العقل، سخيف الفهم، معرقًا في الكفر والضلال.
﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى﴾ [طه:٥٧].
أي: نحن علمنا وأدركنا ذلك، فما جئتنا إلا لتخرجنا من الأرض بالسحر، واعتبر كل ما جاء به موسى من عصًا وغيرها سحرًا، ولم ذلك؟ لأن مصر اشتهرت منذ القدم بالسحرة، وخاصة في عصر الفراعنة، فقد كانوا يعدون بالآلاف، ولضلاله وذهاب عقله، ولإصراره على الكفر، والجحود عد المعجزات والنبوءات والرسالات الإلهية ضربًا من ضروب السحر والشعوذة.
37 / 3