Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani
تفسير المنتصر الكتاني
Türler
الاهتمام بالشباب
قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ﴾ [الكهف:٩].
والمراد بهم الفتية الشباب، والشباب أقرب إلى التبدل والتغير، فإذا جاء الخير كانوا إليه مسرعين، وإذا جاء الشر كانوا إليه مسرعين.
ولذا كان أول من آمن بالنبي ﵊ هم الشباب، وقلة من الكهول أسنانهم بين الثلاثين والأربعين، وكان ولاته ﷺ من الشباب، فقد أمر على مكة بعد أن فتحها عتاب بن أسيد وهو شاب، وأمر عليًا وهو شاب، وكان قادة الجيوش من الشباب، كـ أسامة بن زيد، فقد أمره ﷺ وجعله القائد العام قبيل موته وفي الجيش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وكبار القوم، وسنه سبعة عشر عامًا؛ وأما الخليفة فإنه يختار كبيرًا حكيمًا، ليس نزقًا، حتى إذا ولى الشباب كان هو الذي يكف من حدتهم، وهو الذي يعدل من سيرهم، وكان مستشارو عمر ﵁ من الشباب، فقد كان منهم عبد الله بن عباس ولم يبلغ عمره بعد عشرين عامًا.
فقد مات رسول الله ﷺ وسنه ثلاثة عشر عامًا، فأتم الخمسة عشر بخلافة أبي بكر، ثم ولي الخلافة عمر، فاتخذه مستشارًا وهو ابن خمسة عشر عامًا، إلى أن لقي الله بعد عشر سنوات من الخلافة، ولم تزد سن عبد الله بن عباس على خمسة وعشرين عامًا.
وكان عمر عليه رضوان الله يقول: إنني أستشير الشباب أبتغي بذلك حدة أذهانهم.
فالشباب معروفون بالشجاعة والإقدام، فليس هناك مال ولا جاه ولا منصب يخافون عليه، فإن دفعوا للموت ماتوا، وإن دفعوا للمغامرة غامروا، أما الشيوخ وقد تمولوا وأصبحوا آباءًا وأجدادًا، وأصبح لهم جاه وسلطان، فإنهم يخافون على أموالهم وعلى جاههم وعلى أولادهم، ولذلك قال ﵊: (الولد مجبنة مبخلة)؛ فالأولاد يحملون الإنسان على أن يكون جبانًا، وعلى أن يكون بخيلًا.
فيكون جبانا إذا أقدم، فيقول: سأموت وتبقى المرأة أرملة، ويبقى الأولاد أيتامًا، وإذا أراد أن يعطي يقول: لمن أترك أولادي؟! أأعطي الناس وأترك أولادي فقراء؟! فالشباب غالبًا يكونون مندفعين، وهذه سنة الله في الكون.
ودائمًا تجد الدعوات تنجح بين العمال والطلاب، فالطلاب والعمال غالبهم شباب، فإن كان الداعية صالحًا كانوا صالحين، وإن كان الداعية فاسدًا كانوا كذلك، ولذلك كان على الدولة أن تحفظ شبابها -طلابًا كانوا أو عمالًا- من دعاة السوء وأئمة الكفر، حتى لا يقع الشباب ضحايا الكفر والشيطان، لا لحسنة أدركوها في الدنيا، ولا لحسنة أدركوها في الآخرة.
فالنبي ﵊ ولى الشباب أعلى المناصب، ونحن نرى ابن العشرين لا يزال يقاد، فهو لا يزال مراهقًا، ونتكلم عنه على أنه لا يزال ولدًا، ولا يزال بعيدًا عن تحمل المسئولية.
وهكذا عندما يذل الله أمة ويبعدها عن الحق، وعن الطريق المستقيم، تعيش في السخط، وتعيش في الضلال، ويستعبدها عدوها عقوبة من الله وامتحانًا.
2 / 6