(فهذا يدلّ على أن ترتيب الآيات في كلّ سورة كان توقيفيا. ولمّا لم يفصح النبيّ ﷺ بأمر براءة أضافها عثمان إلى الأنفال اجتهادا منه ﵁. ونقل صاحب الإقناع أن البسملة لبراءة ثابتة في مصحف ابن مسعود) (^١)،وروى أن الصحابة كانوا يحتفظون بمصاحف على ترتيب في السور مختلف مع عدم الاختلاف في ترتيب الآيات، فمصحف ابن مسعود على غير تأليف العثماني من حيث ترتيب السور، وكان أوّله الفاتحة ثم البقرة، ثم النساء ثم آل عمران، بعكس العثماني فترتيبه الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم النساء. ولم يكن أيّ منهما على ترتيب النّزول. ويقال إنّ مصحف عليّ كان على ترتيب النّزول أوله (اقرأ) ثم (المدثر) ثم (ن والقلم) ثم (المزمل) ثم (تبت) ثم (التكوير) ثم (سبح،) وهكذا إلى آخر المكّي ثم المدنيّ.
وهذا كله يدلّ على أن ترتيب السّور بالنسبة لبعضها كان باجتهاد من الصحابة (^٢).ولذلك كان ترتيب السّور في القراءة ليس بواجب في التلاوة ولا في الصلاة ولا في الدرس ولا في التعليم، بدليل أنّ النبي ﷺ قرأ في صلاته في الليل بسورة النساء قبل آل عمران، عن صلة بن زفر عن حذيفة ﵁ قال: صلّيت مع النّبيّ ﷺ ذات ليلة، فافتتح البقرة؛ فقلت يركع عند المائة، ثمّ مضى؛ فقلت: يصلّي بها في ركعة؛ فمضى. فقلت: يركع بها؛ ثمّ افتتح النّساء، فقرأ ثمّ افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ، ثمّ ركع فجعل يقول: [سبحان ربي العظيم] فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثمّ قال: