Tafsir al-Baydawi
تفسير البيضاوى
Soruşturmacı
محمد عبد الرحمن المرعشلي
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٨ هـ
Yayın Yeri
بيروت
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ أي ما ذكرنا من القصص من الغيوب التي لم تعرفها إلا بالوحي.
وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أقداحهم للاقتراع. وقيل اقترعوا بأقلامهم التى كانوا يكتبون بها التوراة تبركًا، والمراد تقرير كونه وحيًا على سبيل التهكم بمنكريه، فإن طريق معرفة الوقائع المشاهدة والسماع وعدم السماع معلوم لا شبهة فيه عندهم فبقي أن يكون الإتهام باحتمال العيان ولا يظن به عاقل. أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ متعلق بمحذوف دل عليه يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أي يلقونها ليعلموا، أو يقولوا أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ. وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ تنافسا في كفالتها.
[سورة آل عمران (٣): الآيات ٤٥ الى ٤٦]
إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦)
إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ بدل من إِذْ قالَتِ الأولى وما بينهما اعتراض، أو من إِذْ يَخْتَصِمُونَ على أن وقوع الاختصام والبشارة في زمان متسع كقولك لقيته سنة كذا. يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ المسيح لقبه وهو من الألقاب المشرفة كالصديق وأصله بالعبرية مشيحا معناه: المبارك، وعيسى معرب ايشوع واشتقاقهما من المسح لأنه مسح بالبركة أو بما طهره من الذنوب، أو مسح الأرض ولم يقم في موضع، أو مسحه جبريل، ومن العيس وهو بياض يعلوه حمرة، تكلف لا طائل تحته، وابن مريم لما كان صفة تميز تمييز الأسماء نظمت في سلكها، ولا ينافي تعدد الخبر وإفراد المبتدأ فإنه اسم جنس مضاف ويحتمل أن يراد به أن الذي يعرف به ويتميز عن غيره هذه الثلاثة، فإن الإِسم علامة المسمى والمميز له ممن سواه ويجوز أن يكون عيسى خبر مبتدأ محذوف وابن مريم صفته، وإنما قيل ابن مريم والخطاب لها تنبيهًا على أنه يولد من غير أب إذ الأولاد تنسب إلى الآباء ولا تنسب إلى الأم إلا إذا فقد الأب. وَجِيهًا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ حال مقدرة من كلمة وهي وإن كانت نكرة لكنها موصوفة وتذكيره للمعنى، والوجاهة في الدنيا النبوة وفي الآخرة الشفاعة وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ من الله، وقيل إشارة إلى علو درجته في الجنة أو رفعه إلى السماء وصحبة الملائكة.
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا أي يكلمهم حال كونه طفلًا وكهلًا، كلام الأنبياء من غير تفاوت.
والمهد مصدر سمي به ما يمهد للصبي في مضجعه. وقيل إنه رفع شابًا والمراد وكهلًا بعد نزوله، وذكر أحواله المختلفة المتنافية إرشادًا إلى أنه بمعزل عن الألوهية وَمِنَ الصَّالِحِينَ حال ثالث من كلمة أو ضميرها الذي في يكلم.
[سورة آل عمران (٣): آية ٤٧]
قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧)
قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ تعجب، أو استبعاد عادي، أو استفهام عن أنه يكون بتزوج أو غيره. قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ القائل جبريل، أو الله تعالى وجبريل حكى لها قول الله تعالى. إِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إشارة إلى أنه تعالى كما يقدر أن يخلق الأشياء مدرجًا بأسباب ومواد يقدر أن يخلقها دفعة من غير ذلك.
[سورة آل عمران (٣): الآيات ٤٨ الى ٤٩]
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩)
2 / 17