134

Tafsir al-Baydawi

تفسير البيضاوى

Soruşturmacı

محمد عبد الرحمن المرعشلي

Yayıncı

دار إحياء التراث العربي

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٨ هـ

Yayın Yeri

بيروت

حَكِيمٌ يشرعها لحكم ومصالح.
[سورة البقرة (٢): آية ٢٢٩]
الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)
الطَّلاقُ مَرَّتانِ أي التطليق الرجعي اثنان لما
روي (أنه ﷺ سُئِلَ أين الثالثة؟ فقال ﵊: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)
. وقيل معناه التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق، ولذلك قالت الحنفية الجمع بين الطلقتين والثلاث بدعة. فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ بالمراجعة وحسن المعاشرة، وهو يؤيد المعنى الأول. أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ بالطلقة الثالثة، أو بأن لا يراجعها حتى تبين، وعلى المعنى الأخير حكم مبتدأ وتخيير مطلق عقب به تعليمهم كيفية التطليق. وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا أي من الصدقات.
روي (أن جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، كانت تبغض زوجها ثابت بن قيس، فأتت رسول الله ﷺ فقالت: لا أنا ولا ثابت لا يجمع رأسي ورأسه شيء، والله ما أعيبه في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإِسلام، وما أطيقه بعضا إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في جماعة من الرجال، فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهًا. فنزلت فاختلعت منه بحديقة كان أصدقها إياها
. والخطاب مع الحكام وإسناد الأخذ والإِيتاء إليهم لأنهم الآمرون بهما عند الترافع. وقيل إنه خطاب للأزواج وما بعده خطاب للحكام وهو يشوش النظم على القراءة المشهورة. إِلَّا أَنْ يَخافا أي الزوجان. وقرئ «يظنا» وهو يؤيد تفسير الخوف بالظن. أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ يترك إقامة أحكامه من مواجب الزوجية. وقرأ حمزة ويعقوب «يَخَافَا» على البناء للمفعول وإبدال أن بصلته من الضمير بدل الاشتمال. وقرئ «تخافا» و«تقيما» بتاء الخطاب. فَإِنْ خِفْتُمْ أيها الحكام. أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ على الرجل في أخذ ما افتدت به نفسها واختلعت، وعلى المرأة في إعطائه. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ إشارة إلى ما حد من الأحكام. فَلا تَعْتَدُوها فلا تتعدوها بالمخالفة. وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ تعقيب للنهي بالوعيد مبالغة في التهديد، واعلم أن ظاهر الآية يدل على أن الخلع لا يجوز من غير كراهة وشقاق، ولا بجميع ما ساق الزوج إليها فضلًا عن الزائد، ويؤيد ذلك
قوله ﷺ «أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة»
. وما
روي أنه ﵊ قال لجميلة: «أتردين عليه حديقته؟
فقالت: أردها وأزيد عليها، فقال ﵊ أما الزائد فلا»
. والجمهور استكرهوه ولكن نفذوه فإن المنع عن العقد لا يدل على فساده، وأنه يصح بلفظ المفاداة، فإنه تعالى سماه افتداء. واختلف في أنه إذا جرى بغير لفظ الطلاق هل هو فسخ أو طلاق، ومن جعله فسخًا احتج بقوله:
[سورة البقرة (٢): آية ٢٣٠]
فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)
فَإِنْ طَلَّقَها فإن تعقيبه للخلع بعد ذكر الطلقتين يقتضي أن يكون طلقة رابعة لو كان الخلع طلاقًا.
والأظهر أنه طلاق لأنه فرقة باختيار الزوج فهو كالطلاق بالعوض، وقوله فإن طلقها متعلق بقوله: الطَّلاقُ مَرَّتانِ أو تفسير لقوله: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ اعترض بينهما ذكر الخلع دلالة على أن الطلاق يقع مجانًا تارة وبعوض أخرى، والمعنى فإن طلقها بعد الثنتين. فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ من بعد ذلك الطلاق. حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حتى تتزوج غيره، والنكاح يستند إلى كل منهما كالتزوج، وتعلق بظاهره من اقتصر على العقد كابن المسيب واتفق الجمهور على أنه لا بد من الإصابة لما
روي: أن امرأة رفاعة قالت لرسول الله ﷺ: إن

1 / 142