178

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Türler

شتم النبي ودعاؤه على إنسان ينقلب رحمة وتطهيرًا وهو رحمة حتى إذا شتم إنسانًا، أو لعن إنسانًا، وكان هذا الإنسان لا يستحق هذا الشتم وهذه اللعنة فكأنما يطهره بذلك، وكأنما يدعو له بالرحمة، فعندما يقول لإنسان: اذهب لعنك الله، فكأنه يقول: اذهب رحمك الله، كأنه يدعو له بذلك. ففي صحيح مسلم عن عائشة ﵂ قالت: (دخل على رسول الله ﷺ رجلان، فكلماه بشيء لا أدري ما هو)، وفي رواية لـ مسلم: (فخلوا به ﷺ، فكأنهما ضايقا النبي ﷺ عندما قعد معه، قالت: (فسبهما ولعنهما وأخرجهما). والمفترض أن الضيف عندما يأتي في بيت المضيف أن يحسن في الكلام، ويراعي أدب المكان، ويراعي مع من يتكلم، فكونه يطردهم من البيت ليس من عادته ﷺ، ولكن لابد أن يكونا قد قالا قولًا شديدًا للنبي ﷺ حتى سبهما ولعنهما وأخرجهما. قالت عائشة فقلت: (يا رسول الله! من أصاب من الخير شيئًا ما أصابه هؤلاء)، أي: كل إنسان قد يصاب بشيء من الخير إلا هؤلاء فإنهم لم يخرجوا بخير أبدًا، فقال ﷺ: (وما ذاك؟ قالت: قلت: لعنتهما وسببتهما، فقال ﷺ: أوما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعلها له زكاةً وأجرًا). يقول العلماء رحمهم الله تعالى: إن النبي ﷺ كان بالإمكان أن يسكت بدلًا من أن يلعن، ولكنه هنا كأنه خير بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن تؤذي هؤلاء وتعاقبهم، أو نحن نعاقبهم، فكأنه إن تركهم فإن الله سيعاقبهم عقابًا شديدًا بنار جهنم، أو يعاقبهم بهذا الكلام الذي قاله ﷺ. فمن رحمته ﷺ أن اختار الأهون، وهو أنه يشتمهما ويسبهما على ما شارط ربه عليه إن كانا لا يستحقان السب أو اللعن، فيكون كأنه يدعو لهما ﷺ، ولا يؤخرهما لعقوبة رب العالمين، فهذه رحمته.

15 / 12