112

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Türler

فراسة الخليفة العباسي المنصور والخليفة العباسي المنصور أيضًا كان له مثل ذلك؛ فقد جاءه رجل فأخبره أنه خرج في تجارة، فكسب فيها مالًا، فدفع هذا المال إلى امرأته، ثم طلبه من المرأة، فذكرت أنه سرق من البيت. فإذا بـ المنصور يسأله أسئلة غريبة: هل لها ولد من غيرك؟ قال: لا. فدعا المنصور بقارورة فيها طيب له رائحة نفاذة، لا نظير له في البلد، ثم قال للرجل: خذ هذا الطيب لعله يذهب همك، فأخذه، فجعل المنصور أربعة من الناس على أبواب المدينة، كل واحد على باب المدينة، وأمرهم إن شموا رائحته على أحد غير هذا الرجل أن يأتوا به، وقد تخيل أن المرأة لها عشيق آخر تحبه، وأنها خانت زوجها وسرقته من أجل هذا العشيق. وإذا كانت قد أخذت المال وأعطته العشيق فمن باب أولى أن تعطيه الطيب، فكان كما ظن المنصور، فأخذ العشيق، وأعاد المال لصاحبه. ودخل شريك مرة على المهدي فقال للخادم: هات عودًا للقاضي، وشريك القاضي كان من أعدل القضاة رضي الله ﵎ عنه، ولما دخل على الخليفة أراد الخليفة أن يكرمه، فقال للخادم: هات عودًا للقاضي. فذهب وأتى بعود الطرب ووضعه في حجر القاضي، فقال: ما هذا؟ فاستحيا الخليفة وقال: هذا العود أخذه صاحب العسكر البارحة فأحببت أن يكون كسره على يديك! فتخلص من هذا الشيء بهذه الحيلة؛ حتى لا ينتشر خبره عند الناس. وهناك أشياء كثيرة من هذا القبيل. فالغرض: أن علم الفراسة هبة من الله ﷾، يهبها للإنسان كما وهبها لسليمان، ووهبها لغيره من الناس، كـ عمر بن الخطاب وعثمان ﵁ وعلي، وغيرهم من الناس، والله ﷾ يهب لعباده ما يشاء من فضله. والمفروض ألا يحسد الإنسان أخاه إذا وجد نعمةً عنده دونه؛ فإن ربنا نهانا عن الحسد، والنبي ﷺ نهانا عن ذلك، وربنا أمرنا أن نتعوذ من شر حاسد إذا حسد، وقد علمنا من خيار الأنبياء كيف أعطى الله الأب شيئًا، وأعطى الابن شيئًا آخر، فلم يحسد أحدهما الآخر على النعمة، ولكن شكرا الله سبحانه ﵎ على النعم، وسليمان شكر الله ﷿ على النعمة عليه وعلى والديه، قال تعالى: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف:١٥]. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

10 / 15