Tafsir Ahmed Hateeba

Ahmad Hatiba d. Unknown
106

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Türler

فراسة عمر ﵁ وقد كان سيدنا عمر رضي الله ﵎ عنه له تفرسات عجيبة جدًا، فكان ينظر في الأشياء ويتوقعها، فتكون على النحو الذي يتوقعه رضي الله ﵎ عنه. فروي عنه أنه رأى رجلًا وهو يسير، فقال عمر ﵁: هذا كاهنهم. وفي رواية قال: لست ذا رأي إن لم يكن هذا الرجل في الكهانة، يعني: كان كاهنًا في الجاهلية. وقال: علي بالرجل! فأتوا به، فسأله عمر: هل كنت كاهنًا؟ فقال الرجل: ما رأيت استقبل مسلم بشر من ذلك، يعني: أنا رجل مسلم، وتستقبلني بهذا الشيء. فلما ألح عليه عمر قال: نعم. كنت كاهنًا في الجاهلية. ومن فراسته التي تفرد بها عن الأمة رضي الله ﵎ عنه أنه قال للنبي ﷺ: (لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله ﷿ القرآن: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة:١٢٥]). ولم ينزلها الله من أجل أن عمر قالها، فالقرآن قد نزل إلى السماء الدنيا قبل عمر وقبل غيره، ولكن الغرض أن عمر وافق القرآن، وإلا فقد قال الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٥] والزبور هو كتاب داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام. والذكر: القرآن أي: قد كتبنا ذلك في القرآن، وأثبتناه في الزبور قبل أن نخلق الأنبياء، فقد كتبنا: أن الأرض سيرثها عبادي الصالحون. إذًا: فالقرآن كان موجودًا قبل وجود النبي ﷺ، وقبل وجود عمر، وقبل وجود غيره. وإنما عمر رأى ذلك فوافق ما هو مكتوب عند الله ﷿ في كتابه. أيضًا قال للنبي ﷺ: (يا رسول الله! لو أمرت نساءك أن يحتجبن) فنساء النبي ﷺ كن يخرجن دون حجاب، ولم ينههن النبي ﷺ عن ذلك؛ لأنه لا ينهى إلا أن يأتي إليه الوحي، فلما طلب عمر ذلك نزلت الآية على ما قاله عمر رضي الله ﵎ عنه. وأنزل الله ﷿ في ذلك آيات الحجاب، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب:٥٩] إلى آخر الآيات. وأيضًا قال عمر لنساء النبي ﷺ حين أغضبن النبي ﷺ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [التحريم:٥]، ونزل القرآن بما قاله عمر رضي الله ﵎ عنه. وشاوره النبي ﷺ في الأسرى في يوم بدر، وشاور أبا بكر وغيره، فرأوا أنه لا يقتلهم، وإنما يأخذ منهم مالًا ليستعينوا به على جهادهم، ونزل القرآن يوافق عمر رضي الله ﵎ عنه، ويخبر النبي ﷺ أنه: ﴿لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال:٦٨].

10 / 9