386

136

قوله : { وجعلوا لله مما ذرأ } [ أي مما خلق ] { من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون } .

كان هذا في الجاهلية . كانوا قد جعلوا من أنعامهم وحروثهم جزءا لله وجزءا لآلهتهم؛ فكانوا يحرثون الحرث فيخطون فيه خطا فيقولون : ما دون هذا الخط لآلهتنا ، وما وراءه فهو لله . ثم يبذرون البذر ، فإن سقط فيما سموا لله شيء من البذر [ الذي ] جعلوه لآلهتهم لقطوه فردوه إلى ما جعلوا لآلهتهم تعظيما لآلهتهم ، وإن سقط من البذر شيء في ما سموا لآلهتهم من الذي جعلوه لله تركوه . ويرسلون الماء في الذي سموا لله؛ فإن انفجر في الذي سموا لآلهتهم قالوا : أقروه فإن هذا فقير إليه ، وإن انفجر في الذي خطوه لله سدوه . وهذا في تفسر الكلبي .

وفي تفسير الحسن : إذا حسن الزرع جعلوه لآلهتهم إن كان هو الذي جعلوه لآلهتهم . فهو لها عندهم وإن كان هو الذي جعلوه لله أحسن جعلوه لآلهتهم ، ولا يجعلون لله مما جعلوا لآلهتهم ، إذا حسن ، شيئا . وأما في الأنعام فإذا اختلط مما جعلوا لله شيء فيما جعلوه لآلهتهم تركوه ولا يميز . فإذا اختلط مما جعلوا لآلهتهم فيما جعلوا لله ردوه في الذي جعلوه لآلهتهم . وإذا ذبحوا شيئا لآلهتهم ذبحوه في وطاء فاستقر الدم مكانه ، وإذا ذبحوه لله ذبحوه على مشرف فيسيل الدم إلى المكان الذي ذبحوا لآلهتهم . قال الله : { ساء ما يحكمون } .

وقال بعضهم : عمد ناس من أهل الضلالة فجزأوا من حروثهم ومواشيهم جزءا لله وجزءا لشركائهم؛ فكانوا إذا خالط شيء مما جزأوا لله شيئا مما جزأوا لشركائهم تركوه ، وإذا خالط شيء مما جزأوا لشركائهم شيئا مما جزأوا لله ردوه إلى شركائهم . وإذا أصابتهم سنة استعانوا بما جزأوا لله ووفروا ما جزأوا لشركائهم . قال الله : { ألا ساء } أي بئس ما { يحكمون } .

[ وقال مجاهد ] : كانوا يسمون لله جزءا من الحرث ولأوثانهم جزءا فما ذهبت به الريح مما سموا لله إلى جزء أوثانهم تركوه ، وقالوا : الله غني عن هذا ، وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى ما سموا لله ردوه إلى جزء أوثانهم .

Sayfa 386