248
{ وقال لهم نبيهم إن ءاية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك ءال موسى وءال هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لأية لكم إن كنتم مؤمنين } .
قوله : { فلما فصل طالوت بالجنود } . وسار بهم أخذ بهم مفازة من الأرض فعطشوا { قال } لهم نبيهم { إن الله مبتليكم } أي مختبركم { بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده } قال الله : { فشربوا منه إلا قليلا منهم } . جعلوا يشربون منه ولا يروون . أما القليل فكفتهم الغرفة . ورجع الذين عصوا وشربوا . فقطع طالوت والذين معه ، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدة أهل بدر ، وبدرهم جالوت وجنوده .
{ فلما جاوزه هو والذين ءامنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله } أي : صالحوهم { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } .
قال بعضهم في قوله : { أن يأتيكم التابوت فيه سكينة } يعني رحمة { وبقية مما ترك ءال موسى وءال هارون } . قال بعضهم : كان فيه عصا موسى ، ورضاض الألواح؛ وكان موسى تركه عند فتاه يوشع بن نون ، وهو في البرية ، فأقبلت تحمله الملائكة { إن في ذلك لأية لكم إن كنتم مؤمنين } .
وقال بعضهم : كان التابوت في أرض جالوت ، قد غلبوا عليه زمانا من الدهر ، فقالوا لنبيهم : إن أتيتنا به فأنت صادق ، وطالوت ملك كما زعمت ، فدعا النبي ربه ، فأتاه بالتابوت حتى وضع في أرض بني إسرائيل ، فصدقوه وعلموا أن الله هو الذي بعث طالوت ملكا عليهم .
وقال بعضهم : كان التابوت إذا قابلت بنو إسرائيل العمالقة مشى التابوت بين السماء والأرض ، والصفوف والرايات خلفه ، فكانوا ظاهرين عليهم ، حتى ظفرت العمالقة على التابوت فأخذوه فدفنوه في ملقى كناسة لهم ، وذلت بنو إسرائيل . وألقى الله على رجال العمالقة وعلى نسائهم الناسور فقال بعضهم : ما نرى هذا الذي أصابكم إلا بما صنعتم بالتابوت ، فهل لكم أن تردوه على بني إسرائيل؟ فقالوا : لا نفعل؛ لكنا نحمله على بقرة ونحبس عجلها ، ثم نوجهها إلى صفوف بني إسرائيل ، فإن أراد الله أن يرجع التابوت إلى بني إسرائيل رجعت البقرة إليهم وإلا رجعت إلى عجلها . ففعلوا ، فنزل ملكان من السماء فأخذ أحدهما برأس البقرة وساقها الآخر ، حتى دخلت صفوف بني إسرائيل؛ فذلك قوله : { تحمله الملائكة } : كقول الرجل : وجاء فلان يحمل . وليس يحمله هو ، وإنما تحمله الدواب .
وقال بعضهم في قوله تعالى : { إن الله مبتليكم بنهر } هو نهر بين الأردن وفلسطين وقال بعضهم هو نهر أبي فطرس .
وقال الحسن في قوله : { هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا } : عسيتم أي ظننتم .
Sayfa 121