76
{ وإذا لقوا } أى اليهود ، إذ القائل منهم ، لا كل فرد ، أو إذا لقى منافقوهم ، والمراد أشرار علمائهم ، ومن معهم من العرب كعبد الله بن أبى { الذين آمنوا قالوا ءامنا } بمحمد رسولا مبشرا به فى التوراة ، وأنكم على الحق فى اتباعه ، وهذا إلى قوله ، أفلا تعقلون داخل فى توبيخ المؤمنين على الطمع فى إيمانهم ، أتطمعون أن يؤمنوا مع أنهم إذا لقوا الذين آمنوا قالوا . . . إلخ ، وإما وبخهم على ذلك الطمع ، لأن الطمع تعلق النفس بإدراك المطلوب تعلقا قويا ، وهو أشد من الرجاء ، فشدد عليهم فيه ، لأنه ربما يؤدى إلى ملاينة لا تجوز { وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا } أى رؤساؤهم الذين يصرحون بالكفر ولم ينافقوا ، أى قالوا لمن نافق منهم . قام النبى A يوم قريظة تحت حصونهم فقال ، يا إخوان القردة ، يا إخوان الخنازير وعبدة الطاغوت ، فقالوا : ما أخبر بهذا محمدا إلا أحد منكم أتحدثونهم . . . إلخ ، كما قال { أتحدثونهم } أتحدثون المؤمنين ، وهذا توبيخ على ماض مستمر ، فهو موجود فى الحال إذ اعتقدوا أن منافقيهم لم يقطعوا نياتهم عن التحديث والتوبيخ ، رفع على ماض وحاضر ، أو صورا حالهم الماضية من التحديث بصورة الحاضر { بما فتح } به { الله عليكم } أنعم به عليكم من العلم برسالة محمد فى التوراة وصفاته ، والإيجاب على الأنبياء أن يؤمنوا به ، أو قضى عليكم به ، أو أنزله عليكم بوساطة موسى ، أو بينه لكم كما يقال : فتح على الإمام ، إذا ذكر ما توقف عنه ، وذلك الأمر قبل بيانه كالشىء المغلق عليه ، وبعد بيانه كالشىء المفتوح عليه ، فذلك إقرار منهم بأن الله قضى عليهم أن يؤمنوا بمحمد A ، وأنزل عليهم رسالته ، وتفسيره بالإنزال معنوى { ليحاجوكم } ليحاجوكم حجا عظيما ، والمفاعلة مبالغة ، لا على بابها { به } بما فتح الله عليكم فيغلبوكم ، والللام لام العاقبة مجاز على التعليل ، أى فيكون المآل أن يخاصموكم به { عند ربكم } فى الآخرة ، بأن يشهدوا عليكم بإقراركم بأن الله حكم علينا ، أى قضى بأن نؤمن بمحمد وكتابه فستقام عليكم الحجة بترك اتباعه مع إقراركم بصدقه ، وهو متعلق ليحاجوا { أفلا تعقلون } عطف على أتحدثونهم ، أو يقدر ، ألا تتأملون فلا تعقلون أنهم يحاجونكم يوم القيامة بأن محمدا رسول الله فى التوراة ، وذلك من جهلهم ، فإنهم يوم القيامة محجوبون بما فى التوراة ، حدثوا المؤمنين به أم لم يحدثوا ، وإن رجعنا هاء به للتحديث ، أى ليحاجوكم بتحدثكم بأن يقول المؤمنون ، ألم تقولوا لنا إن محمدا رسول الله فى التوراة كان المعنى أنه اشتد عليهم أن يحاجوهم بالتحديث ، ولو كانوا لا ينجون مع من قطع العذر ، ولو لم يحدثوهم إلا أنه يضعف رد الهاء للتحديث بقوله :
Sayfa 91