215
{ يسئلونك ماذا ينفقون } أى وعلى من ينفقون ، بدليل قوله : فللوالدين الخ ، السائل عمرو بن الجموح الأنصارى ، وهو شيخ هرم ذو مال عظيم وكان بصيغة الجمع ، لأنه قال فى سؤاله ماذا ننفق ولرضى غيره بسؤاله وإعجابهم به ، أو سألوا معه كما قال ابن جريج { قل مآ أنفقتم } ما أردتم إنفاقه { من خير } جواب عن نفس ما ينفق فى ضمن الشرط ، يتضمن أن الإنفاق يتصور بكل ما أمكن من الحلال ، وهو الخير ، أو الخير المال ، والحلال يعرف من المقام لأنه لا يتقرب إلى الله بمعصية ومن خارج { فللولدين والأقربين واليتمى والمسكين وابن السبيل } بيان للمنفق عليه تصريحا ، لأنه الأهم ، وأجاب عن نفس ما ينفق بعرض التصريح ، لأن الأولى بهم أن يسألوا عن المنفق عليه ، والصحيح أن الآية ليست فى الزكاة كما هو ظاهر ، وتجوز الزكاة للوالدين والولد بشرط الفقر والإسلام ، وعدم قرنها بمنفعة ترجع إلى المعطى ، وتجوز من زوج لزوجها ومنه لها ، كذلك لدين عليها لا تجد خلاصه لا لتتزين بها ، وإنما جازت لها منه لأنه ليس عليه قضاء ما عليها من الدين ، وقدم الوالدين لعظم شأنهما وحقهما وفعلهما مع الولد ، وأنهما أصله ، وحتى إنه هما نفسهما ، وإنما هو لا قرابة فقط ، وذكر الأقرب بعدهما لأنه كبعض الوالدين فهو أولى ، إذ لا طاقة على الناس كلهم . وذكر اليتامى لأنهم لا يقوون على الكسب ، وهم أحق ، وسيما إن كان فيهم أيضا قرابة ، وأخر ابن السبيل إذ كان قويا حتى كان ابن السبيل ، ولم يذكر السائلين والرقاب لدخولهم فى المساكين ، وقيل نزلت فى رجل قال : يا رسول الله لى دينار ، قال أنفقه على نفسك ، فقال اثنان ، فقال : على أهلك ، فقال : ثلاثة ، فقال : على خادمك ، فقال أربعة ، فقال : على والديك ، فقال : خمسة ، فقال : على قرابتك { وما تفعلوا من خير } إنفاق أو غيره كصلاة وصوم { فإن الله به عليم } كناية عن المجازاة ، إن كان من حلال وفى إخلاص ولو حلالا عند المنفق لا عند الله مما لا يدرك بالعلم ، والجملة جواب الشرط ، لأن المعنى تثابوا عليه أو دليل الجواب أى تثابوا عليه لأن الله به عليم ، والإثابة على الإنفاق مستمرة بعد فرض الزكاة وقبله ، فلا وجه لدعوى نسخه بالزكاة ، ولا سيما أن هذا شامل للزكاة وغيرها ، وتعميم بعد تخصيص ، وليس أمرا بل إخبار فلا يقبل النسخ .
Sayfa 249