268

[الفاتحة:7].

وهذه إحدى المسائل التي من مواضع الخلاف بين علماء الكشف وعلماء الرسوم، بل هي موضع الخلاف بين علماء الكشف بعضهم مع بعض أيضا، فإنهم اختلفوا على يسرمد العذاب عليهم الى ما لا نهاية له، أو يكون لهم نعيم بدار الشقاء، فينتهي عذابهم الى أجل مسمى؟ مع الاتفاق للجميع على عدم خروج الكفار من دار البوار ومحل الأشرار، وأنهم ماكثون.

قلنا: كل ما ذكرت في باب الاستحالة في صدور التعذيب الأبدي والايلام السرمدي، وقبولهما من الجهات الفاعلة والقابلة، ومخالفة ذلك للرحمة والعناية المقتضيتين لحفظ النظام، وإقامة القوام، وإبقاء الأنواع بالديمومة السرمدية بتعاقب الأفراد وتوارد الأعداد، إنما يقتضي الاستحالة والامتناع، إذا كان المعذب واحدا شخصيا، على صورة واحدة، واستعداد واحد لقابل واحد.

وأما إذا كانت الصور متواردة على قابل واحد، والاستعدادات متعاقبة لمادة واحدة ضعيفة الوحدة واهنة الوجود ما بين صرافة الوجود الفعلية، ومحوضة العدم والقوة، كما فصح عنه قوله تعالى:

لا يموت فيها ولا يحيى

[طه:74] فتوارد العقوبات الإلهية، وتعاقب التعذيبات والنقمات الجبارية، على حسب توارد الصور المستقبحة، وتعاقب الاستعدادات الظلمانية في أزمنة متمادية الى ما لا نهاية له، كما قال تعالى:

كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب

[النساء:56]. مما لا ينافي شيئا من الأصول الحكمية والقواعد العقلية والسمعية.

فأهل الحجاب الكلي والشقاء الطبيعي، مما لا طريق لهم إلا طريق جهنم، ومسلك الطبيعة والهوى، وانسدت عليهم سبل الاهتداء والاتقاء من هذه الهاوية السفلى، ولا يفتح لهم أبواب السماء، ولا يدخلون الجنة والمنزل الأعلى، والأصول الحكمية دالة على أن القسر لا يدوم على طبيعة واحدة، وأن لكل موجود غاية يصل اليها يوما، وأن الرحمة الإلهية نائلة لكل أحد، واسعة على كل شيء، كما قال تعالى:

عذابي أصيب به من أشآء ورحمتي وسعت كل شيء

Bilinmeyen sayfa